قنابل الغاز الأمريكية – الإسرائيلية التي تصنعها شركة “كومبينيد تاكتيكال سيستيم” أو “سي تي إس” كما طبع علي تلك
العبوات التي تساقطت فوق رءوس الثوار منذ ثورة 25 يناير قتلت عددًا من الشهداء بشهادة تقارير الطب الشرعي باعتبارها “ذخائر كيماوية سامة”.
تلك القنابل التي اعترفت شركة “سي تي إس” بأنها معروفة عسكريا وعلميا ودوليا بـ”ذخائر الغاز الكيماوية”.الغريب أن الشركة من خلال وثيقة نشرتها علي موقعها الإليكتروني لم تعفي تحقيق عائد وتجاري كبير عقب أحداث الثورة المصرية ففي الفترة من 20 إلي 24 فبراير الماضي طلبت “سي تي إس” عمل معرض خاص في “أبوظبي” بالإمارات حيث طلبت عدة دول عربية قنابل الغاز التي استخدمت في مصر خلال الثورة، أما في 15 مايو الماضي فقد نالت الشركة جائزة أفضل شركة مصنعة لقنابل غازات فض المظاهرات بالعالم ومعها مجموعة عقود تجارية سارية حاليا لصفقات عربية بلغت قيمتها 13.8 مليون دولار وذلك في الفترة من يناير الماضي وحتي اليوم. وأكدت “سي تي إس” الأمريكية – الإسرائيلية أن شحنات قنابل الغاز التي وصلت وزارة الداخلية المصرية مؤخرا كلها من نوع غازات “سي إس” غير القاتلة عند الاستخدام السليم وليست من نوعية غازات “سي أر” العسكرية الحربية القاتلة التي قضت الأمم المتحدة بعدم السماح بصناعتها أو تداولها منذ عام 1956 حيث يتسبب هذا الغاز علميا في القئ المستمر حتي الوفاة.
القنابل يتم تجربة فاعليتها علي القرود المتطورة بشرط أن تكون قرنيات العيون والدورة التنفسية والرئة شبيهة بالرئة الإنسانية الهدف الرئيسي الذي تستهدفة قنابل الغاز المصنعة وكلما كانت الخسائر كبيرة في القرود تكون التجارب ناجحة.
الشركة الأمريكية لم تتضمن أيضاً أنهم يصنعون ويطورون القنابل مع هيئة تنمية الصناعات العسكرية الإسرائيلية، والجيش الأمريكي ضد البشر لهدف هجومي معلن عنه صناعيا وتجاريا في وثائق عقودهم مع الحكومات التي تستورد منتجاتهم مع أنهم نفوا أن تكون مجموعة تطوير قنابل الغاز التي تضم الخبراء الإسرائيليين بالشركة تقوم سرا بتجارب علي الثوار المصريين بشكل غير معلن.
وطبقا لكتيبات الإنتاج الرسمية تنتج قنابل غاز “سي تي إس” الأمريكية ضد الحشود البشرية من أجل التسبب في الأزمة التنفسية وربما إنهيار الرئة كليا بسبب أن الغازات تسبب حريقاً وكياً كيميائياً بالرئة البشرية مع إلتهاب خطير للأعين لحدوث جلوكوما سريعة تؤدي للعمي الوقتي أو الكلي طبقا لكثافة الغازات، كما تسبب القنابل جفاف الحلق وانكماش الرئة بالصدر والشعور بالحريق في التنفس والقئ والإسهال وسقوط الحوامل.
تهاجم التفاعلات الكيميائية المنبعثة عن قنابل الغاز المنتجة في “سي تي إس” الأمريكية – الإسرائيلية الأغشية المخاطية للأنف والحلق والفم والبلعوم بشراسة فورية مما يسبب البكاء والعطس والسعال المزمن ومشقة في التنفس لحد الاختناق والقئ والإسهال في الحالات العادية لفض الشغب.
أما إذا كانت كثافة الغاز كبيرة أو زادت العبوات عن الواحدة في محيط المتر المربع الواحد أو إن أطلقت القنابل داخل أماكن مغلقة علما بأن مدة تفريغ الغاز من العبوة الواحدة هي من 10 إلي 32 ثانية مع قدرة تحمل بشرية قصوي لـ2 مليجرام في المتر فنحن أمام عمليتين علي حد تعبير خبراء “سي تي إس” الأولي: “أننا نشهد غباء شرطياً في التدريب مع استخدام غير مسئول أو رصين للقنابل” ، أما الثانية فهي: “أننا نشهد حالة قتل متعمدة من قبل القوة التي تطلق القنابل وذلك طبقا لما توصلت إليه تجاربهم علي ما جري مؤخرا في مصر.
المثير أن خبراء “سي تي إس” كانوا يسجلون ويدرسون في الأيام القليلة الماضية بشكل عملي وعلمي علي مدار الـ24 ساعة ما يحدث من مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن بل طبقا لما كشفوا عنه كان لهم بين الحشود عنصر يحصل علي العينات من الهواء ويجري اختبارات ميدانية فورية وهي تلك التي وصلت إليهم حاليا وكشف أن ضحايا حشود التحرير الذين ماتوا بالغاز تعرضوا لدمار بنسبة أكبر من 50% في الرئة مما يعني علميا أنهم تعرضوا لما يعادل من 10 إلي 20 مليجرام من الغاز المنبعث من القنابل في محيط المتر المربع الواحد لمدة زادت عن الدقيقة الواحدة مما يسبب حروقاً كيميائية مدمرة لرئة الإنسان ومن ثم الوفاة الحتمية خلال دقائق. الخطير أن “سي تي إس” أكدت أنها خلال المواجهات ومع سقوط أول شهيد حاولت الاتصال بوزارة الداخلية المصرية عدة مرات وذلك علي مدي أيام المواجهات كلها غير أن مسئوليها لم يكشفوا شخص من تحدثوا معه لسرية العلاقة بين الطرفين، وطبقا لما أعلنوه فإنهم حذروا مما يحدث في التحرير وأنهم طبقا لشهادتهم أرسلوا فاكساً رسمياً للداخلية المصرية من أجل إخلاء مسئوليتهم الجنائية عن القتلي المصريين الذين سقطوا قتلا بالغازات.
الشركة أكدت أن عدد الوفيات بين حشود التحرير كان يمكن أن يصل إلي 5 آلاف قتيل في اليومين الأولين علي أساس أن كثافة الغازات المستخدمة كانت ستقضي علي من حضروا للتحرير غير أن اتساع المكان وهبوب رياح باردة خفيفة طيلة أيام المواجهات هي التي منعت سقوط آلاف الوفيات علي حد تعبير مسئولي الشركة علما بأن الشخص العادي الذي يتعرض لميليجرام واحد من الغازات المنبعثة من قنبلة واحدة يظل في حالة سيئة لمدة تتراوح بين 30 و90 دقيقة وتستمر أعراضها العامة لمدة تصل إلي ثلاثة أيام.
الجدير بالذكر أن قنابل الغاز طبقا لمعاهدات وقوانين هيئة الأمم المتحدة محرمة دوليا منذ عام 1969 علي أساس أنها “قنابل كيماوية” صريحة وأن المنطمة الدولية أدرجت في نفس العام قنابل الغاز المسيل للدموع علي قائمة بنود معاهدة جنيف.
المكتب الإعلامي للمعلومات التابع لهيئة الأمم المتحدة أكد أن شركة “بلاك ووتر” الأمريكية الشهيرة حررت الهيئات الحقوقية بالمنظمة ضدها خلال عام 2005 عددا من الدعاوي القضائية أمام المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية استنادا علي نقض الشركة المعاهدات الدولية الخاصة بحظر استخدام قنابل الحرب الكيماوية.
وكانت بلاك ووتر قد ألقت من الطائرات العامودية التي تمتلكها قنابل الغاز المصنعة في “سي تي إس” علي تجمعات بشرية غفيرة في مدينة بغداد العراقية خلال حرب العراق الثانية وأكد المكتب الإعلامي لهيئة الأمم المتحدة أن الحالة الوحيد حاليا التي يمكن فيها استخدام قنابل الغاز في إطار القوانين هي حالة الحروب فقط.
وأشارت المنظمة الدولية إلي أن ما حدث في مصر مؤخرا يمكن معه تقديم وزارة الداخلية المصرية ومن ورائها الحكومة المصرية للقضاء الدولي بتهمة مخالفة بنود معاهدة جنيف الدولية الموقعة عليها مصر فيما يخص التعامل مع السكان العزل وخرق بنود معاهدة الحرب الكيماوية.
كما أن الغازات المنبعثة من قنابل شركة “سي تي إس” الأمريكية طبقا لتقارير وزارة الصحة الأمريكية تعد من قبل الغازات السامة وهي من النوع الضار للغاية بيئيا نظرا لتأثيرها علي الكائنات الحية والطبيعة مما تسبب في نفوق معظم حيوانات وطيور وأسماك المزرعة الشهيرة بشارع محمد محمود علما بأن أبواب محل المزرعة الواقع علي الشارع مباشرة كان مغلقا طيلة أيام المواجهات!
الغريب أن السبب الرئيسي الذي أدي لعدم فاعلية قنابل الغاز التي استخدمت في أيام ثورة يناير لم يكن لعدم صلاحية قنابل الغاز كما ذكرت بعض وسائل الإعلام بل إنه كما كشفته “سي تي إس” الأمريكية بسبب أن العبوات السابقة كانت من نوع قنابل غاز “سي إن” وهو غاز ذو تأثير وقتي يتلاشي سريعاً، وهو نفس السبب الذي جعل المتظاهرين مؤخرا في التحرير يشعرون أن هناك فارقاً في نوع الغاز المستخدم وربما كان نفس السبب الذي جعل وزارة الداخلية عقب ثورة يناير تدرس أسباب فشل قنابل الغاز خلال الثورة وتطلب شحنات حديثة من قنابل “سي إس” الأكثر سمية علي الحشود البشرية كما وصفوها.
قنبلة الغاز ينتج منها بالعالم حاليا ما يقرب من 15 نوعاً من أشهرها ما جرب علي الثوار المصريين منذ بداية الثورة وحتي الآن من نوعيات “سي إس” في محمد محمود و”سي إن” في ثورة يناير و”سي أر” المحرم دوليا، وجسم قنبلة الغاز مصنوع من مادة الألومونيوم أعلاها خمسة ثقوب وأسفلها ثقب واحد كلها قبل الاستخدام مغطاة بطبقة من الشمع اللاصق وعند إطلاقها تذوب طبقة الشمع وتفتح مسام ثقوب القنبلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق