تختلف الرؤيا حسب زاويتها وموقع الرؤيا كما تتأثر بخلفية الرائي وأيدلوجيتة ونشأتة. فإذا أردت أن تروى فتجرد من ذاتك حتى تتضح الرؤيا
الجمعة، 10 أغسطس 2012
«مقدمة للإرهاب»
من أهم الكتب التي كشفت جوانب هذه العلاقة الخفية كتاب الباحث والصحفي الأمريكي «جوزيف ترينتو» والذي جاء تحت عنوان «مقدمة للإرهاب» والذي تعرض فيه للشبكات الخاصة التي انبثقت من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وأخذت تعمل لصالحها بالتحالف مع حركات إسلامية ومع مسئولين كبار في عدد من الدول، وكان من ضحاياها أنور السادات في حادث المنصة.
يقول الكتاب «في عام 1978 تم توقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل وأصبح السادات بعدها زعيمًا عالميا ينظر له الغرب باحترام.. ولذلك وبمجرد توقيع الاتفاقية قامت الولايات المتحدة ورئيسها جيمي كارتر بالوفاء بوعدها وتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية لـ«مصر» خصوصًا بعد المقاطعة العربية.. كما قامت الولايات المتحدة بتكليف وكالة المخابرات المركزية «سي.آي.إيه» الأمريكية بتوفير حماية شخصية لـ«السادات».. وكانت الوكالة تقدم لـ«السادات» تقريرًا أسبوعيا مخابراتيا عن أهم الأوضاع السائدة في المنطقة والتحديات والمخاطر التي يمكن أن تحيق بنظامه.. ولأن حياة السادات ونظامه كانت تتعرض لمخاطر تهديد دائمة تم تجنيب جانب كبير من المعونة الأمريكية للإنفاق منها على عمليات الحراسة الأمنية الشخصية لـ«السادات».. باختصار أصبح أمن السادات في يد المخابرات الأمريكية «سي.آي.إيه» مباشرة.
في البداية قامت المخابرات الأمريكية باستئجار شركة حراسة أمنية خاصة للقيام بمهام الأمن الشخصي لـ«السادات».. وكان اسم هذه الشركة هي «كابوتشي وشركاه».. وكانت هذه الشركة مملوكة تقريبًا لـ«أدوين ويلسون» أحد ضباط وكالة المخابرات الأمريكية الذين استقلوا عن الوكالة وأقاموا شبكات علاقات خاصة داخل وخارج الوكالة.
في نفس هذا الوقت بدءًا من عام 1979 ـ بعد معاهدة كامب ديفيد ـ ظهر اسم حسني مبارك نائب السادات كأحد اللاعبين الرئيسيين في عمليات شحن السلاح الأمريكي لـ«مصر».. والحصول من وراء هذا على عمولات بملايين الدولارات.. ولم يكن حسني مبارك هو اللاعب الرئيسي في هذه العمليات ولكن كانت هناك شبكة ضمت كمال أدهم رئيس المخابرات العامة السعودية في تلك الفترة ومحمد عبدالحليم أبو غزالة الملحق العسكري في السفارة المصرية في واشنطن ومنير ثابت أخ سوزان مبارك وصهر حسني مبارك، وكان منير ثابت يتولي الإشراف على عمليات توريد السلاح الأمريكي من خلال السفارة الأمريكية في واشنطن.. علاوة على كمال حسن على الذي أصبح وزيرًا للدفاع ورئيسًا للوزراء في عهد حسني مبارك وأخيرًا رجل الأعمال حسين سالم الذي كان ضابطًا للمخابرات ثم قفز فجأة بعد أن نشأت صداقة بينه وبين حسني مبارك ليصبح في قلب عمليات الاتجار في السلاح.. (حسين سالم قال في حديث مع جريدة «العالم اليوم» أن علاقته بـ«حسني مبارك» تعود إلى أواخر الستينيات).. ومن هذه الشبكة تكونت شركة (ايتسكو) والتي ضمت حسين سالم بـ 51% من الأسهم من خلال شركة كان يمتلكها اسمها «يترسام» وبين توم كلاينز وهو ضابط مخابرات أمريكي سابق.. وكان حسني مبارك قد ساعد حسين سالم على إقامة شركة «يترسام» باعتبارها الشركة المصرية الوحيدة المحتكرة لشحن الأسلحة الأمريكية لـ«مصر».. وعندما ذهب سالم إلى البنتاجون للحصول على اعتماد من وزارة الدفاع الأمريكي بالترخيص لشركته لنقل السلاح الأمريكي لـ«مصر» قال له المسئول عن هذا الأمر واسمه «ثون ماربود» إنه لابد له أن يبحث عن شريك أمريكي حتى يتم ترخيص الشركة.. وكان مبارك وأبو غزالة ومنير ثابت على علاقة وثيقة بالمسئول «ثون ماربود».. وفي آخر زيارة لـ«مبارك» لـ«واشنطن» قبل اغتيال السادات بفترة وجيزة تقابل مع «ثون ماربود» هذا لتنسيق عمليات شحن السلاح الأمريكي لـ«مصر».. وخلال اللقاء مع «ماربود» رفض مبارك التقاط أي صور له بتاتًا خوفًا من اكتشاف هذه العلاقة.
وعلي أية حال وبفضل صداقة «ثون ماربود» بـ«مبارك وأبو غزالة» تم إيجاد شريك أمريكي لـ«حسين سالم» في شركة نقل السلاح (ايتسكو ومعناها الشركة المصرية الأمريكية للنقل والخدمات) وأصبح سالم يمتلك 51% من الأسهم وتوم كلاينز ضابط مخابرات أمريكي سابق 49%.
من ناحية أخرى كان لـ«أبو غزالة» بحكم السنوات التي قضاها كملحق عسكري في السفارة المصرية في واشنطن علاقة قوية مع المخابرات الأمريكية وعدد كبير من أفرادها ومن هؤلاء أدوين ويلسون صاحب شركة «كابوتشي وشركاه» والتي كلفتها وكالة المخابرات الأمريكية بالقيام بعمليات الحراسة الأمنية الشخصية لـ«أنور السادات» وتدريب حراسه الشخصيين.
وبدأت عمليات نقل السلاح الأمريكي لـ«مصر» وبدأت شبكة المصالح المكونة من مبارك وأبو غزالة وحسين سالم ومنير ثابت وكمال حسن على تحقق ملايين الدولارات من العمولات.. ووصل الحال أن سمح «وليام كيسي» المدير السابق لوكالة المخابرات الأمريكية بألا تقوم شركة حسين سالم «ايتسكو» بنقل الأسلحة الأمريكية لـ«مصر» فحسب، ولكن إلى أفغانستان أيضًا.. كان حسين سالم ـ حسب القانون الأمريكي ـ يقوم باستئجار شركة شحن بحري أمريكية لنقل الأسلحة وكانت هذه الشركة تحمل اسم «هوبل مان للشحن البحري» وكان مقرها في مدينة «بالتيمور» الأمريكية.. وتم الاتفاق بين وليام كيسي رئيس المخابرات الأمريكية وبين شركة حسين سالم ومعه أبو غزالة وحسني مبارك وكمال أدهم رئيس المخابرات السعودية أن تقوم مصر بشحن أسلحتها القديمة من العتاد السوفيتي إلى أفغانستان في مقابل أن تحصل على أسلحة وتكنولوجيا حديثة من الولايات المتحدة.. وتم الاتفاق على إرسال هذه الأسلحة الروسية السوفيتية القديمة إلى المجاهدين الأفغان على أنها مساعدات مصرية، وذلك عبر السعودية وبترتيبات خاصة من كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية.. وكانت تلك بدايات لعمليات نقل سلاح ضخمة إلى المجاهدين الأفغان الذين كانوا يقاتلون السوفيت.. وكان كمال أدهم يقوم بعمليات غسيل أموال هذه الشحنات من خلال البنك الدولي للتجارة والاعتماد والذي تهاوي فيما بعد بسبب تورطه في عمليات غسيل أموال.
ويبدو أن أنور السادات لم يكن يعلم بما كان يفعله نائبه حسني مبارك مع أبو غزالة من نقل الأسلحة السوفيتية القديمة إلى أفغانستان والعمولات التي كانت تتم من وراء ذلك.. كما أن مراجعة فواتير نقل السلاح التي كانت تقوم بها شركة حسين سالم المشتركة مع الأمريكان «شركة ايتسكو» تبين أنها كانت تحتوي على مغالطات ومغالاة كبيرة في حساب تكاليف الشحن والنقل.. وعندما علم السادات بهذه المخالفات المالية الكبيرة اكتشف أن نائبه حسني مبارك غارق لأذنيه في أخذ عمولات من هذه العمليات ومن عمليات نقل السلاح السوفيتي القديم من مصر إلى أفغانستان.. وأصبحت كل شبكة نقل السلاح مهددة بالانكشاف وعلي رأسها مبارك وأبو غزالة.
وكانت عمليات نقل السلاح إلى أفغانستان من خلال التعاون بين مبارك وأبو غزالة وحسين سالم ومنير ثابت وضباط المخابرات الأمريكية قد وصلت إلى حد قيام أبو غزالة بتوريد أسطول من «الحمير المصرية» للمجاهدين الأفغان عبر باكستان.. وكان هناك بائع سلاح مقرب من أبو غزالة واسمه الجنرال يحيي الجمال قد قام بإعداد عملية النقل هذه وقام بتوريد 2500 حمار مصري وبسعر 1300 دولار للحمار الواحد لكي تستخدمه المقاومة الأفغانية، وهو سعر مغالي فيه جدًا وحقق من ورائه أبو غزالة ثروة كبري.
في هذا الوقت قامت وكالة الأمن القومي الأمريكي باعتراض برقيات قادمة من رجال مبارك وعلي رأسهم حسين سالم وكشفت هذه البرقيات عن أن منير ثابت (أخو سوزان مبارك) كان هو حلقة الوصل بين مبارك وعمليات نقل السلاح الأمريكي لـ«مصر».. كان منير ثابت يتولي منصب رئيس عمليات توريد الأسلحة لـ«مصر».
وبسبب انكشاف دور مبارك في كل ما كان يجري من عمليات نقل السلاح الأمريكي لـ«مصر» أو السلاح السوفيتي القديم الذي كان في حوزة مصر إلى أفغانستان أصبح يخشي من أن يقوم أحد أجهزة المخابرات الأمريكية بابتزازه من خلال كشفه بالصور التي التقطت له وهو يقوم بزيارات عديدة لـ«واشنطن» وأهمها زيارة قام بها لـ«واشنطن» قبل مصرع السادات بأيام قليلة.. كان مبارك يتحاشي التقاط صور له في واشنطن بأي صورة ولكن عدداً من ضباط المخابرات التقطوا له صوراً وهو يجتمع مع «توم كلاينز» شريك حسين سالم في شركة «ايتسكو» التي تحتكر نقل السلاح الأمريكي لـ«مصر» ومع ضابط مخابرات آخر يدعي «بريل» ومع عدد من المسئولين الكبار في الشركة.
والخطير أن الموساد الإسرائيلي وجهاز الـ«كيه.چي.بي» وهو جهاز المخابرات السوفيتية علاوة على المخابرات السعودية علمت بكل صفقات البيزنس والعمولات التي كان يجنيها مبارك من خلال عمليات نقل السلاح الأمريكي وعبر صديقه حسين سالم والذي مكنه من احتكار هذه العمليات.
كان الإسرائيليون على علم كامل بكل ما يتم من عمليات نقل السلاح الأمريكي لـ«مصر» من خلال ضباط المخابرات الأمريكية وعلي رأسهم واحد من أهم هؤلاء الضباط اسمه «تيد شاكيلي».. والذي أخبرهم بكل عناصر الشبكة المستفيدة من نقل السلاح الأمريكي لـ«مصر» وتوريد السلاح السوفيتي لـ«أفغانستان» بدءًا من مبارك وأبو غزالة وحتي حسين سالم ومنير ثابت وكمال أدهم.
كما كان الإسرائيليون على علم بقيام وكالة المخابرات الأمريكية بمهام توفير الحراسة الأمنية الشخصية لـ«السادات» وبالشركة التي كلفتها المخابرات الأمريكية بذلك وهي شركة «كابوتشي وشركاه».
كانت المخابرات الأمريكية قد تحولت إلى دولة داخل مصر.. ومن خلال محطتها المقامة داخل السفارة الأمريكية في القاهرة والتي كان يديرها واحد من أهم ضباط المخابرات الأمريكية وهو «ويليام باكلي» كانت الوكالة على علم بكل ما كان يدور في مصر من أحداث ومن التوتر الناشئ بين السادات والأصوليين الإسلاميين.
في عام 1980 قررت وكالة المخابرات الأمريكية فجأة سحب عقدها مع شركة «كابوتشي وشركاه» والخاص بمهام تأمين الحراسة الشخصية لـ«أنور السادات» وتدريب حراسه الشخصيين.. وقررت وكالة المخابرات برئاسة رئيس محطتها في القاهرة «ويليام باكلي» أن تقوم هي بصورة مباشرة بتأمين الحراسة الشخصية لـ«السادات» وبتدريب الفريق الأمني الخاص به.. ويقول «نيل ليفنجستون» الذي كان شريكًا في شركة «كابوتشي وشركاه»: «قد فوجئنا بقرار المخابرات الأمريكية بسحب عقد حراسة وتأمين السادات منا، رغم أننا قمنا بعمل كبير في تدريب الحراس الشخصيين لـ«السادات» على أعلي مستوي من الكفاءة وكانت النتيجة أن السادات تعرض للاغتيال بكل سهولة فيما بعد وكانت عملية تأمين حراسته من جانب المخابرات الأمريكية يوم اغتياله في 6 أكتوبر من أسوأ ما يكون».
ويقول «ليفنجستون»: «عندما قررت المخابرات الأمريكية أن تسحب عقد حراسة وتأمين السادات من شركتنا «كابوتش وشركاه» وأن تتولاه هي بنفسها تحولت عملية الحراسة إلى عمل أشبه بما يقوم به الهواة وبخلاف العمل المحترف الذي كنا نقوم به».. ويضيف «ليفنجستون» أن المخابرات الأمريكية كانت لها دوافع سياسية خفية هي التي حركتها لكي تسحب عقد تأمين وحماية السادات منا وتتكفل هي بنفسها بتلك الحماية.
وفي يوم 6 أكتوبر 1981 وهو يوم عيد قومي وعيد انتصار في مصر ويشهد تنظيم عرض عسكري سنوي احتفالاً بهذه المناسبة.. وفي صباح هذا اليوم ارتدي السادات بكل أناقة بدلة عسكرية وكانت الشمس حارة جدًا في ذلك اليوم.. وعندما وقعت حادثة الاغتيال كان من الواضح لنا نحن الخبراء الأمنيين الأمريكان أن الجناة الذين قتلوا السادات لم يكن ليفعلوا ذلك دون تعاون من قوة حماية السادات التي كانت تدربها المخابرات الأمريكية.. فقد بدا واضحًا أنه لم يحاول أي عنصر من هذه القوة التدخل لحماية السادات بسرعة.. بل إننا اكتشفنا أن هناك عناصر من أمن السادات الشخصي شاركت في إطلاق النار والرصاص عليه مرات ومرات ومرات.
وهكذا تحولت منصة العرض التي كان يجلس السادات في مقدمتها إلى بحر من الدماء.. ولم يعرف أحد من أين يأتي الرصاص الذي أخذ ينهمر على السادات من كل اتجاه.
وبعد أن تم دفن السادات وانتقلت السلطة إلى نائبه حسني مبارك توقع الجميع أن يقوم مبارك بفتح تحقيق جدي في ظروف مصرع السادات وأن يرسل مبارك رسالة احتجاج للمخابرات الأمريكية يتهمها فيه بالتقصير في حماية السادات وحراسته والتي تكلفت عشرات الملايين من الدولارات.. ولكن للغرابة الشديدة فإن مبارك لم يفعل شيئًا ولا حتى شكوي بسيطة وبدا واضحًا أنهم يريدون تحميل المسئولية للأصوليين الإسلاميين الذين شاركوا في عملية الاغتيال.
ولكن الحقيقة أن مبارك لم يسع على الإطلاق إلى فتح تحقيق جدي في عملية اغتيال السادات والسبب ببساطة أن هذا التحقيق كان يمكن أن يفتح ويكشف تورطه في عمليات نقل السلاح مع شركة «أيتسكو» برئاسة شريكه حسين سالم.. وما لا يعرفه أحد أن العديد من الرجال الذين كانوا يسيطرون على شركة «ايتسكو» من رجال مخابرات مصرية وأمريكية كانوا هم أيضًا المسئولين عن عمليات حراسة وتأمين السادات وتدريب حراسه الشخصيين.. كما أن فتح تحقيق جدي في اغتيال السادات كان يمكن أيضًا أن يكشف للمصريين أن السادات نفسه قبل مصرعه كان قد طلب فتح تحقيق في عمليات نقل السلاح الأمريكي لـ«مصر» والعمولات التي كان يجنيها مبارك وأبو غزالة وغيرهما من وراء ذلك، وكان سيكشف أيضًا عمليات نقل السلاح السوفيتي القديم في مصر إلى أفغانستان.. باختصار أن فتح تحقيق جدي في اغتيال السادات كان يمكنه أن يكشف كل أسرار شبكة «ايتسكو» التي ضمت مبارك وأبو غزالة ومنير ثابت وكمال أدهم وكمال حسن على من وراء الستار وحسين سالم في الواجهة.
لقد حقق اغتيال السادات عدداً من الأهداف لـ«حسني مبارك» أولها أنه أصبح رئيسًا لـ«مصر» وثانيها أنه لم يتم كشف دوره في عمليات تجارة السلاح ولا كشف حقيقة شركة «ايتسكو» التي كونها من وراء الستار والتي واصلت عملياتها بعد اغتيال السادات بكل قوة، وثالثًا أعطت الذريعة لنظام حسني مبارك أن يقوم بشن حملة على الأصوليين والمتطرفين الإسلاميين.
ويقول ضابط المخابرات الأمريكية الكبير «تيد شاكلي» في حديث أجريته معه في يوليو 1991 إن الإسرائيليين نجحوا من خلال تولي وكالة المخابرات الأمريكية عملية تأمين الحراسة الشخصية لـ«السادات» في التجسس عليه ومعرفة خطواته ولكني لا أعتقد أنهم قد وصل بهم الحال إلى حد تآمروا وأسهموا في اغتياله يوم 6 أكتوبر 1981.. ولكن في نظري فإن مبارك هو الذي كان لديه الدافع الأكبر للتخلص من السادات، خصوصًا بعد أن اكتشف السادات دوره الخفي وفساده من خلال شركة «ايتسكو» عندما فتح تحقيق في عمليات نقل السلاح قبل اغتياله بوقت قصير.
لقد تمكن مبارك من خلال صلته بشركة «ايتسكو» التي وضع صديقه حسين سالم كواجهة له على رأسها أن يكون على معرفة بكل الإجراءات الأمنية التي قامت بها في البداية شركة «كابوتشي وشركاه» ثم المخابرات المركزية الأمريكية بعد ذلك لحراسة وتأمين حماية السادات، لأننا كما قلنا إن عناصر المخابرات الأمريكية التي كانت مشاركة مع حسين سالم ومبارك في شركة «ايتسكو» كانت هي نفسها مشاركة في تولي الحراسة والتأمين الشخصي لـ«السادات» وكانت عند مبارك قائمة كاملة بأسماء الضباط الذين قامت شركة «كابوتشي» والمخابرات الأمريكية بتدريبهم، والمؤكد أن البعض منهم بدلاً من أن يقوم بحماية السادات يوم حادث المنصة شارك في إطلاق النار عليه.
قبل اغتيال السادات بيوم واحد قامت المخابرات العسكرية الأمريكية بإعداد تقرير ذكرت فيه على لسان مسئول مصري كبير أن هناك عدداً من كبار المسئولين العسكريين المصريين على رأسهم أبو غزالة وكمال حسن على لهم علاقات بيزنس شخصية مباشرة مع شركة «ايتسكو».. ويقول التقرير إن ذلك المسئول المصري أخبر ضابط المخابرات العسكرية الأمريكية «كيث ليناور» بأنه يعتقد أنه كانت هناك مؤامرة من عدد من العناصر المصرية المتورطة في بيزنس شركة ايتسكو هي التي تقف وراء اغتيال السادات وإزاحته من السلطة.. واحتوي تقرير المخابرات العسكرية الأمريكية على تفاصيل كاملة حول تاريخ شركة «ايتسكو» وأسماء من أسسوها من مصريين وأمريكان ومنهم مبارك وحسين سالم وأبو غزالة وغيره.
وبعد 21 يومًا من اغتيال السادات وبالتحديد في 27 أكتوبر 1981 قررت المباحث الفيدرالية الأمريكية فتح تحقيق في الفساد الذي شاب عمليات شركة «ايتسكو».. وكادت المباحث الفيدرالية تكشف كل ما كانت تقوم به شركة «ايتسكو» وهنا تدخلت إسرائيل.. فقد خشيت أن يكشف التحقيق علاقة شركة «ايتسكو» بعملية تدريب وحراسة السادات وأن تكشف أنه كان هناك عدد من الضباط المسئولين عن تدريب حراسه كانوا على صلة بالموساد ومن ثم قد يعتقد البعض أن إسرائيل كان لها دور في اغتيال السادات.. كما كان هناك اعتقاد لدي عدد من ضباط المخابرات الإسرائيلية، خصوصًا «آري بن منشيه» الذي كان عميلاً مخابراتيا إسرائيليا سابقًا في طهران أن هناك عناصر عديدة قامت باغتيال السادات أولها المخابرات الأمريكية التي سهلت من مهمة الإسلاميين في إطلاق النيران على السادات، بل إن الحراس الذين دربتهم شاركوا في إطلاق النار عليه، علاوة على مبارك ورجاله الذين كانوا يستفيدون من شركة «ايتسكو» وخشوا أن يفتضح أمرهم وكان يهمهم الخلاص من السادات.
ونحن من جانبنا في نهاية عرض هذا الجزء من كتاب «مقدمة للإرهاب» نتفق مع وجهة النظر التي تقول إن هناك عناصر عديدة قد شاركت فعلاً في اغتيال السادات، وأن من أطلقوا النار عليه لم يكونوا خالد الإسلامبولي ورجاله فقط، ولكن من الواضح أن المخابرات الأمريكية كانت على علم بما يحدث وأنها سهلت كثيرًا ما جري من اغتيال، بل من المؤكد أنها شاركت، ومن الواضح أيضًا أن مبارك كان على علم بكل ما يجري والكتاب يشير بأصابع الاتهام إليه ويكشف دوره في فساد عمليات تجارة السلاح.
عمومًا مازال للقصة فصول على رأسها ما ذكره الكتاب عن الاجتماع الذي عقده البيت الأبيض برئاسة رونالد ريجان في 8 يوليو 1981 وقبل اغتيال السادات بثلاثة أشهر وما دار فيه عن الأوضاع في مصر وهو الاجتماع الذي حضره ـ كما يقول الكاتب ـ الصحفي الأمريكي المعروف «سيمور هيرش» علاوة على ذلك كان هناك تحقيق المباحث الفيدرالية حول شركة «ايتسكو» عن بيزنس حسني مبارك مع ضباط المخابرات الأمريكية حتى بعد توليه الرئاسة.. وماذا عن ألوان الفساد التي قام بها حسين سالم واجهة حسني مبارك في عمليات شحن السلاح الأمريكي لـ«مصر وأفغانستان».
تساؤلات حول اغتيال السادات Questions about Sadat assassination
http://www.youtube.com/
فيديو لم يعرض من قبل قد يدين مبارك بالتورط في اغتيال السادات جزء1
http://www.youtube.com/
اغتيال السادات 2
http://www.youtube.com/
الأربعاء، 8 أغسطس 2012
كامب ديفيد القيد والحل .
في الصورة الشيخ محمود خليل الحصري يؤم المصلين ومن بينهم الرئيس السادات في سجدتي شكر علي جبل الطور عام 1979 .
معاهدة كامب ديفيد ليس نصوص مقدسة غير قابلة للنقد والتعديل بل هي عمل بشري قابل للتعديل بناء علي المتغيرات الزمنية والمصالح و أولويات الساسة ومطالب الشعب صاحب القرار في الحكم والمعاهدات الدولية في الحفاظ علي السيادة والأمن .
إن معاهدة كامب ديفيد المثيرة للجدل لازالت هي الرابط الرئيسي للعلاقة الجدلية بين السلام و أمن الكيان الصهيوني والسلام والأمن والسلام المصريين و شبة جزيرة سيناء هي ضحية هذة التوازونات بمناطقها المقسمة إلي أ و ب وج و بذلك تترك ثلث مساحة مصر وثلاثة أضعاف مساحة الأرض المحتلة كخاصرة طرية بل رخوة لأمن الصهاينة .
إن مقضيات المواطنة والأمن المصري تستوجب تعديل بنود الإتفاقية وإعادة إنتشار القوات والعتاد كما أن إعمارها أضحي واجب للإقتصاد والتوزيع الديموجغرافي والتنوع في هذة البقعة الغالية من ربوع الوطن إما عن طريق فرض الأمر الواقع أو عن طريق مائدة المفاوضات التي يجلس عليها الندين أصحاب المصلحة في تعديلها بما يتوائم مع مصالحهم وذلك برعاية الوسيط الأمريكي المشبوة الذي لا يلتزم بغير القوة والأمر الواقع
وفي بنود الإتفاقية ما يساعد علي إجبارهم علي التعديل مثل البند السابع
الذي ينص ...
تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضة
-
اذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضة تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم
تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضة
اذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضة تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم
اذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضة تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم
إن هذا النص وغيرة كفيل بحماية حقوق مصر فهل يعي الرئيس أن العقل هو الحل لا الإرهاب والتمييز الذي مورس من الصهاينة ومستخدميهم الأمريكان و أن هذا التمييز الذي أهدر حقوق أهل سيناء لن يساعد في تنمية دور سيناء ومشاركتها في الإقتصاد المصري وفرض بالعضلات الأمنية لخدمة أمن الصهاينة فقط .
فشل العلاج يفسد أعضاء الوطن ...
زيارة مرسي والمشيرللعريش تلك الزيارة المتأخرة القصيرة للموقع الخطأ كانت دليل واضح علي ضعف وتشوش الرئيس و أجهزة تأمينة كما كانت دليل علي ضعف وترهل الأجهزة الأمنية والقوات المرابطة من حرس الحدود في منطقة ملتهبة بالتهريب علي خط المواجهة مع الكيان الصهيوني الذي يؤمن حدودة ويجعل زيارة رئيس وزرائة و وزير الدفاع والقادة العسكريين من أن يتجولوا في موقع الحادث بكل راحة .
ثم جائت العلامة الكبري بعدم حضور مرسي جنازة 16 من خيرة شباب الوطن المرابطين بالقليل من العدة والعتاد علي حدود مصر المقتلون غيلة وغدرا نتيجة طواطئ أجهزة المخابرات والقادة التي وصلتهم مؤشرات الهجوم من الداخل والخارج ليجعلهم ويجعلنا مادة للتندر علي موائد اللئام
كما كان عدم حضورة لأسباب واهية تجعلة غير أهل لحماية أمن مصر الذي أقسم علية.
الإعتداء علي هشام قنديل رئيس الوزراء وبعض الرموز المحسوبة علي الجماعة لة قرائتان .
1- إن أفعال مرسي و مجلس الشعب من قبلة جعل من الرئيس وجماعتة عبئ علي السياسة المصرية .
2- وضع يدة في يد دولة الفساد التي ثار عليها الشعب زاد حالة الإحتقان والإحباط لدي الشعب واقع مرير .
لقد خرج مرسي من حادث رفح وتشكيل الحكومة المخزي وأحداث دهشور وكذلك أحداث رملة بولاق (نايل سيتي) راسب بصفر كبير فاق صفر المونديال .
إن الهجوم الغاشم علي بدو سيناء بدون تنسيق و معلومات يوضح مدي تخبط أجهزة الدولة ومدي رخص دماء المصريين في نظر الحاكم ويؤدي إلي زيادة الإحتقان في بقعة ملتهبة بالأصل .
ثم جائت القرارات المتأنية يإحالة مراد موافي رئيس المخابرات للتقاعد لتقول إستمرار نهج السلطات مبدأ رد الفعل وغياب القانون والمحاسبة المحقة .
كما كان قرار ترقية حمدي بدين وتعينة مستشار عسكري لسيناء قرار صادم فهذا القاتل الذي نكل بالثورة والثوار ستطلق يدة للتنكيل بأهل سيناء المذبوحين علي مذبح الأمن الصهيوني بإطلاق هذا المجرم المستحق بجدارة للسجن وربما الإعدام هل هذا غضب الحليم أم تخبط الأهوج الأرعن ؟
ثم كانت التكملة بكوكبة الكباش من قائد الحرس الجمهوري لازال مرسي يتعامل مع جراحنا بالمسكنات والمراهم التي لا تبرئ جرح ولكن تجعلة يتحول إلي غرغرينا تستوجب البتر لأعضائنا واحد تلو الأخر .
القانون هو عقد المواطنة الذي يصح بة جسد الوطن وكرامة المواطن .
الاثنين، 6 أغسطس 2012
متي تشرق شمس التحرير علي أرض الفيروز ؟؟؟!!!
هذة الكلمات تذكرتها حين قرأتي لكتاب لبطرس غالي عن مفاوضات كامب ديفيد الذي يستعرض فية المفاوضات و تطوراتها والعلاقات والحوارات التي كانت بين مناحم بيجن وكارتر والسادات وزادت قناعتي حين قرأت صيغة مترجمة مسربة للإتفاقية في شتاء 2011 الفترة التي كنا نعيش فيها في حلم رومانسي رائع بإستقلالية مصر وكرامة شعبها والقضاء علي الفساد والتخلص من التبعية للإمبيريالية الأمريكية والمصلحة الصهيونية .
صدمني الواقع في الصيف الحارق بإعتداء طائرة أباتشي صهيونيةعلي الحدود ومقتل 6 جنود مصريين ورد الفعل المخزي بإعلان سحب السفير المصري من تل أبيب ثم نفي مكتب رئيس الوزراء حينها عصام شرف و الموقف المخزي للمجلس العسكري الحاكم علمت وكل شباب مصر الأحرار أننا لم نتحرر من التبعية بعد فتظاهرنا ثم إعتصمنا وتسلق أحمد الشحات مبني البناية التي تحوي السفارة الصهيونية وأنزل العلم الصهيوني و أحرقناة لكنة لم يشفي غليلنا ثم توالت الأيام إلي أن تم تكسير السور الذي بناة مجلس العار والخيانة حول المنطقة و أخيرا طردنا نحن الشباب المتهم دائما سفير الكيان الصهيوني وكانت الحامية العسكرية حول السفارة في كل يوم من الإعتصام تقوم بمناوشات من القبض علي بعض المتظاهريين والإعتداء عليهم ثم مع الضغط يتركوهم هذا حالنا نحن الشباب المتهم بالحرية والرغبة في الإصلاح منذ أسقطنا نظام مبارك الفاسد.
وكان في الجهة المقابلة نشاط يستحق الذكر والإشادة بمن يعترض فعليا علي إستمرار منهج الخضوع بتصدير الغاز المصري للصهاينة بأقل من سعر إستخراجة ذلك الملثم المنضبط الذي يفجر خط تصدير الغاز بعد إصلاحة حتي وصلت مرات التفجير والتعطيل إلي 15 مرة .
يصر الحاكم الظالم الخائن علي الإنبطاح والرضوخ لمطالب الإمبريالية الأمريكية وإذلالها نظير المساعدات الأمريكية التي تجعلها متطلعة علي أدق تفصيلات التسليح والتدريب للجيش المصري وتكون كامب ديفيد هي الإطار الظاهر الخفي علينا الذي يجعل من أرض سيناء التي تزيد عن ثلاثة أمثال مساحة فلسطين كاملة خاصرة رخوة للأمن الصهيوني ومعمل لتفريخ أعداء التحرر إن سكان سيناء ليس لهم حق التملك وهم في دائرة التخوين و العمالة بعدم تعيين أبنائها في الجيش والشرطة والنيابة وينالهم من التهميش وضعف الخدمات ما يجعلهم يهاجرون قسريا من أوطانهم بجعل أرضهم مشاع للموالين للنظام والكيان الصهيوني .
إن معضلة إعمار سيناء الذي يدخلها المصريين بتصريح أمني وكذالك المتابعات والتنكيل يجعل منها أرض طاردة وبفقر خدماتها يجعلها خراب و بالملاحقة والإتهام يجعلها جحيم و بقلة الحماية و الأمن يجعلها مستنقع للجريمة .
هل حقا عادت سيناء لنا ؟؟؟؟؟
هل حقا سيناء بعد حرب إكتوبر أرض محددة الهوية ؟
أم هي فاصل حدودي ؟
حادث رفح علامات وكلمات .
مجلس عسكري يابن الكلب شهدائنا جوة القلب ...
هذا الهتاف إنطلق من حناجر الشرفاء في طفولتي سمعتة من بعضهم في شبابي أنهم في عام 1986 كانو يهتفوا ((حسني مبارك يابن الكلب سليمان خاطر جوة القلب )) تذكرتة وملئ أذني لدي رؤيتي حادث رفح وشهدائنا وجرحانا الأبطال وسرقة مدرعتين ولم أسمع عن إصابات حتي ولو بضع ذرات تراب قبعة جنود الإحتلال الصهيوني .
هذا الحادث بة يد خبيثة تريد العبث بما تبقي من طاقات نور للتغيير والإستقرار فقطاع غزة حوصر منذ عام 2005 بوصول حركة حماس بإنتخابات نزيهة شهد لها العالم وخلالها لم يحدث سوي بضع مناوشات علي معبر رفح وفي 2010 تم إجتياح سور المعبر وعبور الألاف لشراء بعض إحتياجتهم وتاجر في هذة الأزمة أساطين الفساد وضاعفوا الأسعار عشرة وربما عشرون ضعف ولم نسمع طيلة 7سنوات عن عمليات و قتل رغم أن الأنفاق كانت موجودة بعلم المخابرات والجيش وكان يتربح منها اللصوص والفسدة وحين يتم فتح المعبر بشكل دائم تتم هذة العملية !!!
حين نمدهم بالوقود والغذاء وإستقبال خالد مشعل وبعد إستضافة هنية بقصر الإتحادية يقتل جنودنا ويصاب حماة الوطن بيد أناس هم في أمس الحاجة لمتنفس وطاقة نور تربطهم بالعالم !!!!!!!!!
إنها مزحة سخيفة من عملاء لصوص خونة إنهم مجلس العار والخيانة .
حين تبحث عن المستفيد الذي يحركة عرائسة وأصابعة لإيقاع مرسي الذي في نظري لايتعدي دمية يتلاعبون بة فهم من فرض ما يقرب من ثلثين حكومة هشام قنديل المشكلة حديثا بالإضافة إلي رضاة عن الثلث الأخر مرسي الذي يسكن القصر الرئاسي منذ 36 يوم و كل إنجازاتة الصلاة وكل صلاحياتة الدعاء .
إن العسكر بهذا الفعلة يلعب علي عدة محاور هامة .
1- طلب مرسي زيادة عدد تسليح وأفراد الجيش في سيناء وسيكون من إسرائيل مباشرة أو عن طريق الوسيط الأمريكي مما يشكل إحراجا نظر لكونة مرشح الإخوان وتحتها ألاف الخطوط .
2- التطرق لإتفاقية كامب ديفيد عن طريق الرئيس أو القوي الوطنية والدفع لتعديلها أو عرضها لإستفتاء شعبي مما يشكل إحراج للجماعة أمام الحليف الأمريكي الذي أخذ وعود وتطمينات عدم المساس .
3- مساعدة الدعم الشعبي للمطالب المناهضة للإخوان عن طريق حلفاء مجلس العار والخيانة .
4- إظهار مرسي بأنهم هو من جلب الإرهاب وفتح لة الباب علي مصراعية
وللعلم الصهاينة قد حذرو السياح الصهاينة من عبور سيناء منذ عدة أيام
هل كان عندهم خبر بما حدث مسبقا ؟؟
- المجلس العسكري وجهاز المخابرات هو المسؤل الأول عن هذا التقصير الجسيم .
- يجب أن يتفرغ الجيش للتدريب لحماية الأمن المصري لا صناعة الحلل والمكرونة وإدارة إقتصاد السخرة ليزوب في جيوب اللصوص .
- أقول لمجلس العار والخيانة أين مخابراتكم وهيئة الإستعلامات وكل أجهزتكم من قياس الرأي ستعرفون أين مرسي والإخوان من عامة الشعب وتعرفون أنهم في وجة تيار جارف يأكل من شعبيتهم والتعاطف معهم يوم عن يوم كيف تتعلمون ؟؟ كيف أنتم حماة أمننا؟؟ كيف هان الدم لرفقاء السلاح الصوم ؟؟
بفعلتكم قربتم من أجلكم .. قربتم من أجلكم ..
الجمعة، 3 أغسطس 2012
رملة بولاق ناقوس ثورة الجياع
التباين الواضح في مساكن وسكان العشوائيات في مختلف أنحاء العاصمة والجمهورية كافة و وسائل الإعلام التي ترسخ الفوارق الطبقية والإستهلاكية هي أحد عوامل تفجير الأزمة في أماكن عدة فالفارق بين منشية ناصرومدينة نصر بضع أمتار وبين المهندسين وإمبابة وأرض اللواء مزلقان السكة الحديد كما بين أبو قتاتة والهرم ترعة وكذلك في المدن الجديدة المقسمة لفلات وقصور وأبنية عشوائية ومساكن حكومية وخدمات متهالكة كل هذة الفجوات بين المدارس والجامعات كل هذة مفجرات جاهزة للتفجير بما يتسرب من أسباب هذة الفجوة من لصوصية وفساد و محسوبية الحل الوحيد لها هو إعادة هيكلة شاملة للمجتمع من أجور و توزيع للدعم
والمسمس الإعم هو ترسيخ العدالة الإجتماعية لا نطالب بتحميل النظام الجديد أخطاء النظام السابق لكن توجية الأنظار والجدية في رفع المعاناة وتقليص الفجوة المجتمعية دافع للتهدئة و من ثم إزالة أسباب الإحتقان تدريجيا بتكاتف الحكومة والجمعيات الأهلية و دعم المواطنين بإقرار الحد الأقصي للإجور و تفعيل الرقابة علي الأسعار لمواد البناء والغذاء كل هذا في متناول أجهزة الدولة .
إن العنف المفرط في مشكلة رملة بولاق ومن قبلها حادثة دهشور إنذار لما هو قادم فعلي السلطات الإنصياع العقلاني و المعاملة الجادة مع الحدث حتي لا تخرج الإمور عن السيطرة .
نذكر إن الظلم ظلمات والدفاع عن المظلوم واجب إنساني قبل أن يكون وازع ديني والدفاع عن الظالم لا دين لة .
ليس مشكلة ساويرس ومن علي شاكلتة اللعب بقواعد وضعها الحاكم و إستفاد منها وتكسب لكن الإنحياز لو إستمر سيزيد الفقراء فقرا والأغنياء غني مما يفقد الدين عدلة فالله عز وجل لم يضع الزكاة والصدقة كحل نهائي لمشكلات المجتمع المادية لكن تكافؤ الفرص و المساواة هي الحل الزكاة والصدقة وضعت لذوي الإحتياجات الخاصة المنصوص عليهم تحت مسمي المصارف الشرعية لكن المجتمع يبني بتكاتف الدولة ونظم الحكم مع المؤهلين للعمل .
الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية ليست مطالب لكنها فروض لبناء مجتمع متوائم سوي الكل فية لة من الحقوق ما يكفل لة العيش الكريم وعلية من الواجبات ما يخدم بة مجتمعة .
إن الحاكم الذي يظن أنة مطلق اليد مالك للرقاب والعباد لة الولاء المطلق هو واهم يعيش خارج نطاق الزمن حتي لو والاة مشايخ السلطان فالشعب ولائة الأول لمن يخدمة ويحفظ لة مصالحة ولا ولاية إلا لله الواحد .
العنف لا يولد إلا العنف وحديث وزير الداخلية الذي هو إمتداد للفكر و تعامل النظام السابق ما هو إلا معول هدم يهدم بيت الحاكم لا بيت الشعب صاحب السلطة و إطلاق المسميات من بلطجة و مثيري الشغب ما هي إلا للإستهلاك الإعلامي و فقط و أرض الواقع تنتظر الحلول العقلانية والإنصياع لمشاكل الشعب لا إفتعال أزمات لإخلاء أرض لمصالح فئة تستفيد وتفيد الفاسدين .
الخميس، 2 أغسطس 2012
التشكيل الوزاري
إنتظرنا طويلا تشكيل الحكومة والرئيس ذو الصلاحيات القادر علي حل مشاكل متراكمة من فساد ومحسوبية و أزمات واقعية و أخري مفتعلة وجاء إختيار د.هشام قنديل صادما فالرجل الذي يقولون عن خبرتة في ملف النيل لم ينجزة ولم يحرك ساكنا فهو لدية مبرراتة التي كانت تعوق إنجازة لأي شئ في هذا الملف وهو القرار السياسي لكنة يتحمل عبئ عدم المصارحة والمكاشفة والإعتراض فكان أداة طيعة للظالم وأداة من أدوات الخداع فهل إستفاد من صمتة الذي كوفئ علية ببقائة سكرتير لوزير الري ما يقرب من 15 عام ثم أخذ مكانة في حكومة عصام شرف ولم يتحرك لينجز ما أنجزة الوفد الشعبي في إثيوبيا خلال زيارة واحدة .نري في إختيار قنديل بغض النظر عن إنتمائة للإخوان المسلمين من عدمةولا صلات العائلة و النسب بقادة حماس فهذا في دولة المؤسسات والقوانين لايؤثر لكن في دولة ترضخ تحت تلال الأزمات والصراعات تؤخذ في الحسبان فمصر الثورة جريحة بمصائب النظام البائد وأنصارة أنصار الثورة المضادة في حاجة لمن يضخ الدماء في عروقها ويحفز جسدها لمقاومة الإنهيار يكون قادر علي إتخاذ القرار المناسب دون إنتظار الأوامر وهذا ما تنم عنة شخصية قنديل وتاريخة الوظيفي فهو موظف منفذ للأوامر لة حيز ونطاق مسموح لة بالتحرك بة .ثم جأت مشاورات قنديل للوزارة ومباحثاتة وعرضة لإختياراتة الصادمة التي لا تنبئ بالحرية لكن التقيد وإنتظار الإملائات التي أظهرت نهج الرئيس مرسي المبني علي التوافقات فبقاء رباعية الوزارات السيادية (المالية- الدفاع - الخارجية -والتغير الشكلي للداخلية ) يذيع بصورة صارخة أن الرئيس المنتخب القوي بالشعب مكبل يفضل إتخاز طريق المهادنة والإصلاح التدريجي علي التطهير الوقتي الشامل وتحاشي الصدامبهذا فهو يساوم بإستمرار المعاناة ليمتد ألم الشعب الذي في حالة ثورة ويرغب في الخلاص من الأزمات بأزمة قاسمة مطهرة
إن صح القول (ألم ساعة ولا كل ساعة ) .إن التشكيل الوزاري برئيس الحكومة وبهذا النهج سيكون عبئ علي الرئيس وينقص من قدراتة علي تنفيذ مشروع النهضة ونهجة في حل الأزمات الراهنة التي جعلت الشعب يثور علي نظام هو لدية منة وزراء ومستشاريين يريدون إفشالة ليكون رهانهم وتسابقهم لعودة هيكلة النظام السابق بوجوهة القبيحة جائزتهم .قيام د.مرسي بشكر الجنزوري ومنحة وسام الجمهورية وتعينة مستشار رئاسي بعد صراع مجلس الشعب لسحب الثقة من حكومتة وتصريحات الجماعة وزراعها السياسية ومرسي نفسة بفشل الحكومة جعل لزاما علي الشعب المصري الإعتذار لمبارك وتكريمة علي ماهو فية من جهل وجوع ومرض وقتل و إذلال هو وحاشيتة وسدنة حكمة لأن هذا ما نستحقة .للسيد مرسي والسيد قنديل الفشل لا يلاحق الفاشل بل هو من يذهب إلية.
الأربعاء، 1 أغسطس 2012
1- حينما تغتال الهوية الإصلاح والنهضة
2- السلفية الملكية والسلفية الفوضوية
3- أنفة من التقليد وعجز عن الاجتهاد
نقل ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة" عن ابن عقيل مدحا لحنابلة بغداد جاء فيه أنهم: "قوم خُشُن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد، وقل عندهم الهزل".. وتحدث العلامة الذهبي في كتابه (العبر في خبر من غبر) عن الشيخ عبد الستار المقدسي، فقال: "عنيَ بالسنة، وجمع فيها، وناظر الخصوم وكفَّرهم، وكان صاحب حزبية وتحرُّق على الأشعرية فرموه بالتجسيم، ثم كان منابذاً لأصحابه الحنابلة، وفيه شراسة أخلاق مع صلاح ودين يابس".
"
السلفيون مولعون بالجدل والمناظرة في أمور الاعتقاد، وهو أمر يدل على أن السلفية المعاصرة تحولت إلى ما يشبه المدرسة الكلامية التي تطنب في الحديث عن دقائق العقائد دون داع شرعي
"
كما علق الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) على قول الشيخ أبي حاتم بن خاموس: "كل من لم يكن حنبليا فليس بمسلم"، فقال الذهبي: "قد كان أبو حاتم... صاحب سنة وإتباع وفيه يبسُ وزعارةُ العجم". ويلخص وصف ابن عقيل لمزاج الحنابلة ووصف الذهبي لشخصية كل من المقدسي وابن خاموس أهم الملامح الفكرية والنفسية التي يتسم بها بعض الدعاة والناشطين السلفيين اليوم:
* فهم منشغلون بجمع السنة النبوية والتدقيق في أسانيدها. وقد نفع الله بهم عموم الأمة في هذا الجانب، فلم يعد التساهل في النقل سائدا كما كان الحال في القرون المتأخرة. بيد أن السلفيين لم يمزجوا ثمرات النقل بنظرات العقل، فجاء التأصيل عندهم خاليا من التحليل، والنقلُ مجردا من الفقه. بل إن "العقلانية" أصبحت سبة في عرف بعض السلفيين، فتخلوا عن عقولهم بمحض إرادتهم، وكأنهم لم يسمعوا قول الشاعر عمر بن الورد: "كيف يسعى في جنونٍ مَن عقَلْ؟"
* وهم مولعون بالجدل والمناظرة في أمور الاعتقاد، وهو أمر يدل على أن السلفية المعاصرة تحولت إلى ما يشبه المدرسة الكلامية التي تطنب في الحديث عن دقائق العقائد دون داع شرعي، وهو ما لا ينسجم مع منهج السلف القائم على البساطة، والبعد عن التكلف والتمحل النظري، وتجنب الخوض في تلك المباحث الدقيقة إلا لضرورة.
* وهم يتحرقون تحرقا على مخالفيهم من المسلمين، ويكفرونهم في أمور كثيرة يسوغ فيها الخلاف. ويمكن القول إنه في الوقت الذي يجتهد فيه أتباع الديانات الأخرى على زيادة أعدادهم، فإن بعض السلفيين يجتهد على تقليص أعداد المسلمين. وبالطبع فقد جلبت بعض الجماعات السلفية متاعب كثيرة لنفسها، وفتحت شروخا عميقة في جسد الأمة بسبب الشدة على المخالفين وتكفيرهم. ولا تقف هذه العقلية الإقصائية عند حدود، فهي تضيق كل يوم وتخرج طوائف جديدة –بعضها سلفي المصدر والتوجه- من مفهوم "السنة والجماعة"، وهو المفهوم الذي حولوه إلى سور عال يفصل بينهم وبين عموم الأمة.
* ثم أخيرا تأتي سمة الجفاء والشراسة والتدين اليابس، الخالي من العطف والعاطفة، ومن الشفافية الروحية والذوق الجمالي. وهو تدين يرجح منطق الإكراه والمغالبة على منطق الإقناع والاكتساب. ويرجع هذا المنزع إلى الخلفية التاريخية والاجتماعية لبعض الجماعات السلفية، كما يرجع إلى منهاج التكوين والتربية لدى بعض السلفيين، وهو منهاج يقوم على التعالي الفكري والخوف الثقافي.
وليست هذه الملامح عامة في كافة السلفيين أو الحنابلة، فالتعميم لا يخلو من ظلم. ولا هو براءة لطبقات المتدينين الآخرين من هذه المساوئ، وهم ليسوا برآء منها. وإنما اقتصرنا هنا على المدرسة السلفية لغلبة هذه الملامح عليها، ولما للسلفيين من أثر طاغ على ساحة التدين اليوم.
حينما تغتال الهوية الإصلاح والنهضة
"
جدلية الانفتاح والانغلاق ذات صلة وثيقة بميزان القوة والضعف، فالأمم تميل أيام قوتها إلى الثقة بالنفس والفضول العلمي وحب الاستكشاف والتعطش للمعرفة، بينما تميل في لحظات ضعفها إلى ضعف الثقة بالنفس والتعصب الديني
"
وقد شخص الأكاديمي البريطاني والأستاذ بجامعة أوكسفورد عبد الحكيم مراد ظاهرة التجافي والتعالي الفكري لدى بعض السلفيين فدعاها "فقر التعصب" the poverty of fanaticism ونحن نسميها هنا "مذهب الاكتفاء والانكفاء". فالتعصب وليد إحساس بالكبرياء الفكري والاقتناع الزائف بعدم الحاجة إلى ثقافة الآخرين وعلومهم ونمط عيشهم. ومن المعلوم في التاريخ الثقافي أن التعصب يؤدي إلى الفقر الفكري والجدب الروحي، بينما يثمر الانفتاح والتسامح ثراء فكريا وروحيا.
لقد لاحظ الفيلسوف كلود ليفي ستراوس أن الإبداع لا يكون إلا على الحدود بين ثقافتين. وهو أمر ترجمه الفيلسوف محمد إقبال في النطاق الإسلامي فكتب: "إن العالم الإسلامي لن ينهض إلا بقلب شرقي وعقل غربي".. فكل من يحصر نفسه في حدود ثقافته التاريخية يحكم على نفسه بالعقم والجمود. وجدلية الانفتاح والانغلاق هذه ذات صلة وثيقة بميزان القوة والضعف، فالأمم تميل أيام قوتها إلى الثقة بالنفس والفضول العلمي وحب الاستكشاف والتعطش للمعرفة، بينما تميل في لحظات ضعفها إلى ضعف الثقة بالنفس والتعصب الديني ورفض التنوع والتعدد الفكري والعرقي والثقافي.
لقد كان العرب والمسلمون أيام قوتهم وصعودهم الحضاري منفتحين مندفعين، يستكشفون العالم ويسعون للتعلم من كل أمة وثقافة، حتى وثنيات الهند وترهاتها وجدت رجلا مثل البيروني يدونها في كتابه: " تحقيق ما للهند من مقولة، مقبولة في العقل أو مرذولة". أما اليوم فنجد السلفيين يطنبون في الحديث عن "الغزو الفكري والثقافي" وما إلى ذلك من مقولات ينم عن الذات المهزوزة الخائفة على ذاتها.
وبسبب هذه الذات الفاقدة للثقة في ذاتها ضاعت فكرة الإصلاح والنهضة التي دعا إليها الأفغاني ومحمد عبده وأضرابهم منذ مائة عام، واغتالتها فكرة الهوية والخوف عليها، منذ أن صادر الشيخ رشيد رضا الفكرة الإصلاحية واتجه بها وجهة سلفية. وقد لاحظ رضوان السيد في كتابه (سياسات الإسلام المعاصر) القطيعة التي حدثت بين مدرسة الإصلاح في عصر عبده والأفغاني -وقد كانت "النهضة" همها الأهم- وبين الفكر الإسلامي في النصف الثاني من القرن العشرين الذي يركز على "الهوية".
لذلك يرى رضوان السيد أن "محمد عبده كان متقدما على رشيد رضا، ورشيد رضا كان متقدما على حسن البنا، وحسن البنا كان متقدما على سيد قطب، وسيد قطب كان متقدما على عمر عبد الرحمن". كان رشيد رضا في بادئ عهده إصلاحيا، ثم تحول فيما بعد سلفيا انكفائيا، فهو حلقة الانتقال بين المدرستين. لذلك رفض د. محمد عمارة إدراج رشيد رضا ضمن الإصلاحيين، وقد أحسن في ذلك، إذ الإصلاح والتجديد لا ينسجمان مع منهج الاكتفاء والانكفاء.
السلفية الملكية والسلفية الفوضوية
"
لم تعد السلفية تنحصر في السلفية "الملكية" والسلفية "الفوضوية"، بل ظهر إلى الوجود في العقد الأخير تيار ثالث أقرب إلى روح الإصلاح والتجديد، وهو يتلمس طريقه اليوم بين هذين الطرفين الغاليين
"
منذ أعوام خلت كان لي حديث حول السلفية مع أحد أساتذتي بجامعة تكساس، وهو من أصل لبناني، فلاحظ الأستاذ ملاحظة جديرة بالتأمل، فقال: "السلفية نوعان: سلفية ملَكيةmonarchist وسلفية فوضوية anarchist".. وهذا تلخيص دقيق لعمق الأزمة المنهجية لدى السلفيين، فلم يختط السلفيون لأنفسهم حتى الآن طريقا منهجيا واضحا للتغيير الإيجابي، وإنما تتنازعهم نوازع الطاعة الخانعة والمواجهة الهوجاء. والحمد لله أن السلفية لم تعد تنحصر في هذين التيارين، بل ظهر إلى الوجود في العقد الأخير تيار ثالث أقرب إلى روح الإصلاح والتجديد، وهو يتلمس طريقه اليوم بين هذين الطرفين الغاليين اللذين نركز عليهما بالتحليل هنا.
إن السلفية الملَكية تشرِّع لحكام الجور أفاعيلهم، وتعظ الرعية بالإذعان لهم والطاعة، وتحذر الناس من الفتنة والشقاق.. حتى لقد أفتى بعض فقهائهم بأن المظاهرات السلمية حرام، وبأن مشاهدة قناة الجزيرة "لا تليق بطالب العلم ... لأن ولي الأمر لا يحبها"!! أما السلفية الفوضوية فهي تخرج على السلطة وعلى المجتمع معا، وتسعى إلى تفجير الكون كله أملا في ميلاد عالم جديد لا تملك تصورا واضحا عن ملامحه.
ولا يعني هذا أن المدرستين تختلفان في كل شيء، بل تتفق المدرسة الملَكية مع المدرسة الفوضوية في العنف الفكري والفقهي، وفي الخطاب الملتهب الذي يكاد يسطو بالمخالف. بل يمكن القول إن السلفية الفوضوية –على خطورة مسالكها العملية- أكثر انسجاما مع طرحها النظري وأقل تناقضا في منطقها. بينما تعيش السلفية الملكية تناقضا صارخا بين العنف الفكري والخنوع العملي.
والعلاقة المنطقية بين المدرستين السلفيتين علاقة وثيقة، فكلاهما تستمد من الأخرى أسباب البقاء والنماء. فالسلفية الملكية تجعل أي وقوف في وجه المنكرات السياسية السائدة في الدول المسلمة اليوم فتنة ونبذا للطاعة وتفريقا للجماعة، وهي عاجزة فقهيا عن التفريق بين المعارضة السلمية والخروج المسلح. وبذلك لا تدع للشباب المتحمس سوى طريق العنف الأهوج. أما السلفية الفوضوية فهي بسلوكها مسالك العنف الأعمى من غير ضابط أخلاقي أو خطة تغيير منهجي، تقوي نفوذ السلفية الملكية وتضفي مصداقية على مقولاتها المخذلة. وهكذا تتغذى كلتا المدرستين على الأخرى.
أنفة من التقليد وعجز عن الاجتهاد
إن مراحل الانتقال في أعمار الأمم لا تخلو من عنف وألم. وهذا نجده في تاريخ أوروبا أيام الثورة الفرنسية، وفي تاريخ أميركا أيام الثورة الأميركية.. وبالطبع فلن تخلو المجتمعات المسلمة من عنف في مراحل الانتقال التي نعيشها اليوم مع الأسف. فالانسداد السياسي في هذه المجتمعات عميق مزمن، وتخلفها في مجال بناء السلطة وشرعيتها وأدائها تخلف فاضح، وهذا مما يفتح الباب لأنماط كثيرة من العنف الفكري والسياسي.
وقد يتدثر هذا العنف بدثار ديني –كما هو حال السلفية الفوضوية اليوم- أو بدثار علماني –كما هو حال الجماعات اليسارية في القرن العشرين- لكنه في عمقه تعبير عن أزمة التحول الاجتماعي ومخاض الانتقال، وعرَض من أعراض انعدام الشرعية السياسية في المجتمعات الإسلامية، وخصوصا العربية منها. وما تحتاجه بلداننا اليوم هو أن يمسك الحكماء بزمام الأمور، ويقودوا مجتمعاتنا عبر مرحلة الانتقال الحالية إلى بر الأمان الفكري والاجتماعي والسياسي بأقل ثمن وأخف ألم.
"
المجتمعات الحرة تملك آليات التصحيح الذاتي وبوسائل سلمية متحضرة، أما المجتمعات المحكومة بالقوة فيلجأ الناس فيها إلى منطق القوة لأتفه الأسباب, وهي تبقى محصورة بين سيف الحاكم المتجبر وسبحة الدرويش المتملق
"
وليس العنف الفكري والسياسي خيارا شرعيا ولا بديلا للاستبداد، بل هو يزيد من وطأة الاستبداد ويشرعه ويطيل عمره. والحل هو العمل المدني المنظم والدؤوب، من أجل بناء فضاء اجتماعي وسياسي مفتوح، يتم فيه التداول السلمي للسلطة، ويُسمع الناس فيه أصواتهم بحرية، ويسود فيه منطق الاكتساب ولغة الإقناع على منطق المغالبة ولغة الإكراه.
ويتوقف الأمر إلى حد كبير على مستوى تطبيق الديمقراطية الحقة وحرية الاختيار في مجتمعاتنا. فالمجتمعات الحرة تملك آليات التصحيح الذاتي وبوسائل سلمية متحضرة، أما المجتمعات المحكومة بالقوة فيلجأ الناس فيها إلى منطق القوة لأتفه الأسباب.. وهي تبقى محصورة بين سيف الحاكم المتجبر وسبحة الدرويش المتملق، وكلاهما كارثة على مستقبل الأمة والملة، كما قال الشاعر محمد إقبال:
فإلى متى صمتي وحولي أمـة** يلهو بها السلطان والدرويشُ
هذا بسبحتـه وذاك بسيفــه** وكلاهما مما تكدَُ يعيشُ
نحن المسلمين أمة تأنف من التقليد وتعجز عن الاجتهاد.. وهذا سر محنتنا الحالية. وقد آن الأوان للخروج من هذا المأزق. أما الأنفة من التقليد فهي عزة لا يجوز التنازل عنها، وأما العجز عن الاجتهاد فهو ذلة وضعة. وإذا كان الإصلاح في أوروبا بدأ بتحرير الدولة من سلطة الدين، فإن الإصلاح عندنا يجب أن يبدأ بتحرير الدين من سلطة الدولة. فحرية الضمير هي أساس كل التزام أخلاقي حق، وحرية التفكير هي أساس كل إبداع.
وحينما تسود الحرية تنكشف مظاهر التدين المغشوش الذي يجعل من المبادئ الإسلامية المحررة للإنسان قيودا عليه، ويحوِّل روح البناء والإيجابية التي جاء بها الإسلام إلى غريزة هدم وتدمير أهوج... لقد آن الأوان لمواجهة فقر التعصب والتدين اليابس قبل فوات الأوان.
أحداث دهشور
ثورة 25 يناير و التى نادت بالمساواة و الحرية و العدالة و إعلاء قيمة المساواة وإحترام القانون نجد انه حتى اللحظة مازال الظلم والتمييز بين فئات المجتمع كافة ويظهر بوقاحة في حوادث المسيحيين الذين يهجرون من منازلهم و تسلب اموالهم و تحرق امتعتهم في حوادث يغيب عنها العدل والقانو والمحاسبة الجادة للأيادي التي تعبث بالإستقرار من عبيد الظلم والفساد في جهاز أمن الدولة و إفتعال أزمات تعوق وتهدم دون بحث عن المحرضين في كل الجرائم التي يفجرها وقائع أقل ما يقال عنها أنها أسباب غارقة في التفاهة و الكل يكتفى بالمشاهدة
من اطفيح 4 مارس 2011 - للمقطم 8 مارس 2011 - ثم امبابه 7 مايو 2011 - و بعدها المريناب 30 سبتمبر 2011 و التى انتهت بمذبحة ماسبيرو التى نزفنا فيها الدماء المسيحية و الكل يكتفى بالمشاهدة فقط دون حراك.
تم تهجير مسيحيى قرية العامرية 27 يناير 2012 و لم يهتز لها احداً الى ان قمنا بالصراخ و تحريك المياه الراكده لعودة الاهالى الى بيوتهم و التى لا تزل عائلة مراد لا تستطيع العودة خوفاً من ارهاب اهالى القرية
جاء اليوم الذى نرى فيه حالات تهجير جماعى للمسيحيين , 120 اسرة من مسيحيى قرية دهشور مركز البدرشين تم تهجيرهم من منازلهم بتهديد و وعيد ثم يتم نهب ممتلاكاتهم وحرقها بمنهجية منظمة و ايضاً التهديد باقتحام الكنيسه الموجوده بالقرية و الثأر من كاهن الكنيسه و اولاده يضعنا امام حقيقة واحده ان سياسات العقاب الجماعى و افتعال الازمات فى ظل هيمنة التيارات الاسلامية على الشارع بشكل مخيف و دفعه لحافة الهاوية و التصعيد من وتيرة اعمال العنف الطائفى بمنهجية لن تؤدى الا الى النفق المظلم الذى نخشاه جميعاً
ان ما يحدث الان فى دهشور مخالف لكل المواثيق و العهود الدولية لحقوق الانسان , ميثاق حقوق الاقليات الصادر فى ديسمبر 1992،الاعلان بشان القضاء على التعصب والتميز الدينى الصادر فى 25 نوفمبر 1981 القرار رقم 36\55،العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنيه والسياسيه ،ورشة العمل فى الحوار بين الثقافات والحضارات فى 23\24 ابريل 1998
و هو مخالفة واضحه لنص المادة الثالثة من الاعلان العالمى لحقوق الانسان ( " لكل فرد الحق فى الحياة و الحرية و السلامة الشخصية " ) و التى يجب ان تحميها و تصونها الدولة المصرية بكل اجهزتها و مؤسساتها .
ان اتحاد شباب ماسبيرو لن يقف مكتوف الايدى امام حملات التهجير القصرى للمسيحيين فى مصر و نحذر من استمرارها دون وجود اى استجابة من الدولة و مؤسساتها . لن نقف مكتوفى الايدى و نحن نرى الظلم بلغ اقصى درجاته و اصبح المسيحيين يقفون وحيدين امام الجهل و التعصب و العنصرية
اين هى مؤسسات المجتمع المدنى فى مصر ؟؟ اين هى منظمات حقوق الانسان ؟؟ اين دولة سيادة القانون و كيف للمحافظ ومدير الامن الا ينهض من رقاده ويتمم واجبه و يحقق الامن للمواطنين ؟؟ ان ما فعله الامن بتهجير المسيحيين بأدعائهم عدم قدرتهم على تأمينهم هو جريمة لا تقل عن فتح السجون اثناء احداث الثورة و خيانة عظمى للبلاد يجب محاسبة مرتكبيها
يجب ان تتحرك مؤسسات الدولة لضبط الجناة و الخارجين عن القانون و تأمين عودة اهالى القرية لمنازلهم و لتضرب بيد من حديد على كل من يحاول ارهاب المواطنين و الاعتداء عليهم .
إن غياب القانون هو المسئول عن المعناة التي يعانيها الشعب المصري يوميا من غياب الأمن عن بلد الأمن التي هرب المسيح طفلا لينعم بأمنها طفلا فكيف يهرب أبناء ويهجروا قسرا وفاقة .
في دراسة لجينات عينة عشوائية قوامها عشرة ألف مصري أثبتت أن المصريين 96% منهم الإختلافات بينهم طفيفة أي أن مصدرها واحد ومن هنا أقول لهم أهلي ودمي مصر كلها لنا مسلمين و مسيحيين فعلينا الحفاظ عليها وتنميتها سويا دون تفريق ولا تمييز وعنصرية الظالم لا يفرق بين من يتعرضون لظلمة و لا يبالي بوجة ضحيتة فلا تدعوا أحد يتجرأ عليكم ليظلمكم .
إن من يبني يبقي وإن من يهدم يهدم ...
الاثنين، 30 يوليو 2012
إستقلال القضاء مابين التنفيذ والخيال
كان لقرار إستعجال القضايا المقدمة لهيئة القضاء الإداري التي حدد لها شهر سبتمبر للحكم في بطلان تشكيل اللجنة التأسيسية الثانية لإعداد الدستور ومن ثم تقديم الطعون من محامي الإخوان المسلمين لدعاوي رد هيئة المحكمة التي تنظر الطعون وغياب الحشود الإخوانية عن المحكمة اليوم 30-7 -2012 وتأجيل نظر دعوي الرد إلي 14 سبتمبر فقد أثار في نفسي تسائل .
هل القرار بالتأجيل قرار سياسي ؟؟؟!!!
إن كان قرار سياسي فمتي يستقل القضاء ؟؟
هل كل الأحكام السابقة واللاحقة ذات مصداقية ؟؟؟
متي ستقوم دولة المساواة والقانون ؟؟؟؟؟؟؟؟
العصر الملكي
الحديث عن استقلال القضاء يرجع إلى أيام الملكية: العصر الذهبي لاستقلال المؤسسة القضائية.
آنذاك استند القضاة في مجهودات تحقيق استقلالهم إلى ما ورد في الفصل الرابع من «دستور 1923»، بدءًا من المادة 124 وحتى المادة 131، وهي المواد الخاصة بتنظيم عمل القضاء.
نص الدستور في هذه المواد على «استقلال القضاة وعدم وجود سلطة لأحد عليهم وعدم جواز عزلهم»، وأكد على أن أعضاء النيابة يكون «تعيينهم بالمحاكم وعزلهم وفقًا للقانون»، وشدد على «علانية الجلسات إلا إذا أمرت المحكمة بجعلها سرية».
أما أول قانون لاستقلال السلطة القضائية، فقد صدر عام 1943 حاملا رقم 66. عُرف هذا القانون باسم «قانون استقلال القضاء»، وقد أكدت مذكرته الإيضاحية أن «الاستقلال هو الأصل بالنسبة للقضاء»، وحذرت أن كل مساس بهذا الأصل «من شأنه أن يعبث بهيبة وجلال القضاء»، وأن كل تدخل في عمل القضاة من جانب أية سلطة من السلطتين الأخريين «يخل بميزان العدل ويقوض دعائم الحكم».
وقد تشددت مواد قانون 1943 في توفير الضمانات لاستقلال القضاء إداريًا وماليًا، لدرجة أن تحديد مرتبات القضاة بجميع درجاتهم كان يتم وفقًا لجدول تم إلحاقه بالقانون منعًا للاستثناءات، مع التأكيد على عدم جواز تحديد راتب القاضي بصفة شخصية وعدم جواز معاملته بشكل استثنائي بأية صورة.
وعلى هذا الأساس، لم تشهد مصر الليبرالية – 1923-1952 – مذابح للقضاة أو محاولات ذات شأن من السلطة التنفيذية لاحتواء القضاة أو إخضاعهم. وهو ما دعا كثير من الكتاب والمؤرخين إلى التغني بالعصر الليبرالي كنموذج ينبغي أن يُحتذى في احترامه للقضاء وأحكامه.
العهد الناصري
شهدت محاولات استقلال القضاء بعد ثورة يوليو انتكاسة كبرى. فقد صدرت في الأعوام التالية على الثورة عدة قوانين، منها القانون «188 لسنة 1952» والقانون «56 لسنة 1959» والقانون «74 لسنة 1963» التي عدّلت بعض أحكام قانون السلطة القضائية لسنة 1943، بالإضافة إلى القانون 43 لسنة 1965. وقد جنحت كل هذه القوانين إلى منح صلاحيات إضافية للسلطة التنفيذية على حساب استقلال السلطة القضائية. من ذلك مثلا عدم تحصين كل القضاة من العزل، حيث تم قصر الحصانة على بعض القضاة من درجات وفئات معينة دون غيرهم. ومن ذلك أيضًا إقرار تبعية النيابة العامة إلى وزير العدل ومنح وزير العدل سلطة ندب القضاة.
ويذكر المستشار طارق البشري في كتابه «القضاء المصري بين الاستقلال والاحتواء» أن ثورة 52 سلكت مع القضاء «ما يمكن أن نسميه أسلوب الإحاطة والاقتطاع، دون أسلوب السيطرة المباشرة والإلحاق الصريح» موضحًا أن الثورة «ارتكنت إلى الإحاطة بالقضاء وإبعاده عن التأثير فيما ترى الدولة أنه يمس سياستها. وجرى هذا الإبعاد عن طريق منع التقاضي بالنسبة للمسائل التي ترى الدولة أنها ذات أهمية سياسية بالنسبة لها، وكذلك إنشاء المحاكم الخاصة بالنسبة للقضايا التي ترى أن لها أهمية سياسية خاصة لها».
ولم تشأ الحقبة الناصرية أن تطوي آخر صفحاتها قبل أن تشهد صدامًا بين رجال السلطتين التنفيذية والقضائية، صدامًا يكاد يكون الأعنف حتى اليوم، وذلك في مذبحة القضاة التي دارت وقائعها عام 1969، والتى أسفرت عن فصل مائتي قاض وإعادة تشكيل الهيئات القضائية.
وقد أتت مذبحة 1969 كعقاب للقضاة على تصويتهم لتيار الاستقلال في انتخابات «نادي القضاة» في نفس العام. إذ شعر النظام، وعلى رأسه جمال عبد الناصر، أن هناك من داخل أوساط القضاة من يريد مناطحة سلطته المطلقة من خلال نقد تكبيل الحريات والدعوة إلى الديمقراطية.
عصر السادات
تغنى دستور 1971 باستقلال القضاء ونص على عدم جواز التدخل في أعماله وعدم قابلية رجاله للعزل. وبالفعل فإن عددًا من مؤرخي القضاء المصري يؤكدون أن عصر السادات شهد عودة جزئية لاستقلال القضاء، وإن كان بدرجة أقل مما كان سائدًا قبل يوليو 52.
لكن رغم ذلك، فإن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 – الذي استمر العمل به ساريًا مع تعديلات حتى الآن – وسّع سلطات وزير العدل فيما يختص بالسلطة القضائية، بدءًا من منحه حق الإشراف على المحاكم والقضاة، إلى إعطائه الحق في تشكيل المكتب الفني لمحكمة النقض، إلى منحه سلطة ندب القضاة والمستشارين «بموافقة مجلس القضاء الأعلى»، إلى إقراره لنظام تخصص المستشارين، إلى إضطلاعه بتنظيم الخدمات الصحية والاجتماعية للقضاة، هذا إضافة إلى المواد الخاصة بالنيابة العامة التي تنص أن رئاسة أعضاء النيابة تكون لرؤسائهم ثم الوزير.
وبلغ بسط القانون الأخير لسلطات الوزير على السلطة القضائية حد أن يعود الإشراف المالي والإداري على حصيلة إيرادات المحاكم إلى النيابة تحت رقابة وزارة العدل، إضافة إلى ما أقرته أربعة مواد بالقانون، هي المواد «45، 78، 79، 121»، بأن تكون تبعية إدارة التفتيش القضائي لوزارة العدل.
ورغم ما جرى على هذا القانون من تعديلات بموجب القانون رقم 35 لسنة 1984 والقانون رقم 142 لسنة 2006، إلا أن الوضع لم يتغير كثيرًا. فقد جعلت هذه القوانين من موافقة مجلس القضاء الأعلى على إجراءات وقرارات وزير العدل ضرورية، كما نقلت «حق مراجعة قرارات الجمعيات العامة ولجان الشؤون الوقتية بالمحاكم الابتدائية» من الوزير إلى المجلس، إلا إنها لم تتعرض للنقاط الجوهرية المُطالب بتغييرها، وعلى رأسها تبعية التفتيش القضائي للوزارة، وتعيين النائب العام من قبل رئيس الجمهورية، وتبعية أعضاء النيابة لوزارة العدل، والإشراف المالي والإداري للوزارة على المحاكم.
عصر مبارك
عقب «مؤتمر العدالة الأول» الذي عُقده القضاة عام 1986، تم العكوف على وضع مشروع قانون للسلطة القضائية ينهى حالة التداخل التي أحدثها القانون القائم بين السلطتين التنفيذية والقضائية. وقد انتهى الأمر إلى ظهور مشروع من إعداد نادي القضاة، حين كان تحت قيادة «تيار الاستقلال» في 2005، يقضي بإضافة 7 مواد وتعديل 35 آخرين من القانون «46 لسنة 1972».
فلسفة مشروع القانون المقترح قامت في مجملها على تحقيق استقلال القضاء من خلال تقليص الصلاحيات الممنوحة لوزارة العدل بحق السلطة القضائية، وذلك بنقل الإشراف المالي والإداري والرقابي من الوزارة إلى مجلس القضاء الأعلى الذي قرر المشروع أن يكون أغلب أعضائه منتخبين. هذا وقد تشدد المشروع في عدد من المسائل، من بينها القضاة فى غير الأعمال القضائية، وإلغاء سلطة وزير العدل ورئيس الجمهورية فيما يختص بتعيين رئيس محكمة النقض ورؤساء المحاكم الابتدائية، إضافة إلى نقل تبعية أعضاء النيابة إلى مجلس القضاء الأعلى.
ورغم أن مشروع نادي القضاة ظل حبيس الأدراج، إلا محاولات تمرير قانون جديد لاستقلال القضاء لم تتوقف. فقد شكّل مجلس القضاء الأعلى لجنة منتصف العام الماضي، تكونت في أغلبها من القضاة ممثلي تيار الاستقلال، لصياغة مشروع قانون لاستقلال السلطة القضائية. وهو ما أدى إلى نشوب نزاع بين مجلس القضاء ونادي القضاة – بعد أن سيطر عليه التيار المحافظ بقيادة المستشار أحمد الزند – حول أحقية كل منهما بوضع مشروع القانون. فانتهى الأمر إلى تشكيل نادي القضاة للجنة ثانية صاغت مشروعًا لتنظيم القضاء يعارض مشروع لجنة مجلس القضاء.
جدال لا يتوقف
والآن.. يظل الجدل حول استقلالية السلطة القضائية مستمرًا. فالبعض يتهمون المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأنه قد استخدم القضاء للإبقاء على سلطته وإضعاف السلطة التشريعية. وفي المقابل، يرى آخرون أن الخطر على السلطة القضائية يأتي من الإخوان المسلمين الذين يستهينون بالقضاء وأحكامه ويهددون دولة القانون.
ويأتي الحديث حول قانون استقلال السلطة القضائية في صلب الجدل الدائر. فهل سيصدر القانون؟ ومتى؟ ومن له الحق في تقديم مشروعه إلى البرلمان لإقراره؟
في هذا الصدد، يرى المستشار «أحمد مكي» نائب رئيس محكمة النقض والمسؤول عن أحد المشاريع المقدمة عدم وجود أية دواع للخلاف أو المزاحمة حول وضع قانون استقلال السلطة القضائية. يؤكد مكي أن «القضاء ملك للشعب المصري. ومن يستطيع الإتيان بفكرة تعزز استقلاليته فليفعل. فغايتنا من المطالبة باستقلال القضاء هو صالح المتقاضين وليس القضاة»، مضيفًا أن «استقلال القضاء ليس معناه أن نتركه يرتع، لكن المقصود هو قانون يبعد تأثير السلطات الأخرى عنه».
يدلل «مكي» على وجهة نظره بالقول إن «تحقيق استقلال القضاء عما سواه من سلطات حق للمتقاضين. وأتذكر عند تنظيمنا لمؤتمر العدالة أننا تلقينا أوراقًا بمقترحات من حجّاب وفراشين المحاكم عن الضمانات التي يريدون رؤيتها في إطار حل مشكلات العدالة».
ويلخص «مكي» أصل عدم استقلال القضاء في مصر بالتأكيد على حقيقة أنه «لا يمكن أن يوجد قضاء مستقل في دولة مستبدة. فهو أحد أدوات السلطة التي لا يمكن أن تفرط فيها. فالدولة الظالمة لابد وأن يكون القضاء بها تابعًا للسلطان»، مضيفًأ أنه «لا يمكن أن يوجد قضاء مستقل في دولة لا يوجد فيها برلمان منتخب انتخابًا صحيحًا لأن القانون مهمته تقييد سلطة الحاكم. فإذا كنا سنعطي سلطة التشريع لمن معه سلطة أخرى، كالتنفيذ مثلا، حينها يصبح السيف والذهب في يد واحدة، مما يعني استخدام القانون كأداة لتكميم الأفواه».
وفي المقابل، يطرح الدكتور أنور رسلان أستاذ القانون الدستوري والعميد الأسبق لكلية الحقوق بجامعة القاهرة رؤية أكثر إيجابية لوضع القضاء المصري من حيث استقلاله إزاء السلطة التنفيذية. يرى رسلان أن «القضاء المصري رغم ما شهده من حالات تعد على سلطاته، إلا أن هذا الانقضاض لم يكن متواصلا، كما أنه لا ينفي وجود نصوص قانونية تفيد باستقلالية القضاء وتدافع عنها، ولا ينفي أيضًا ما كان للقضاء من أدوار مشرفة في وجه السلطة الحاكمة».
إلا أن رسلان يستدرك قائلا: «لا نقول بهذا أن القضاء والقوانين نجحا في تحقيق الكفالة التامة للاستقلال، وإنما يحاولان تحقيقه على مدار عقود شهدت ملابسات مختلفة وخضعت لحكم عسكري ومن قبله ملكي.» ومن ثم فهو يرى أن أحد أبرز الضمانات لمنع الافتئات على السلطة القضائية في المستقبل، هو «الدفاع، عند وضع الدستور الجديد، عن استمرار المبدأ الموجود في الدساتير السابقة والقائل باستقلال القضاء، وعدم التدخل في شؤونه، مع وضوح توزيع الصلاحيات بين السلطات الثلاث، منعًا لتكويش إحداها على كافة الصلاحيات».
أما الدكتور جمال جبريل الفقيه الدستوري ورئيس قسم القانون العام بجامعة حلون فيكشف عن الثغرة التي تنفذ منها كل حالات الافتئات على استقلال السلطة القضائية قائلا إن «أي دستور ينص على مبدأ استقلال القضاء. لكنه لا يتناوله بالتفصيل. حيث يضطلع مشرع القوانين بهذا الأمر».
ويتابع جبريل فكرته قائلا: «يجب أن يقوم الدستور بتفسير مبدأ استقلال القضاء وكيفية تطبيقه إداريًا وماليًا ورقابيًا. هذا هو الاتجاه الحديث في كتابة الدساتير. حيث تتحدث عن الحقوق والحريات تفصيلا وليس كمادة صماء يترك تفسيرها لرجل القانون العادي حتى لا يتم لي ذراعها.»
الأحد، 29 يوليو 2012
واشنطن بوست تفضح امبراطورية مليارات الاخوان في جزر البهاما
الجماعه تخفي اموالها في جزر قيل ان مبارك يخفي امواله هناك ايضا!!
صوره تجمع عاكف والشاطر وابو الفتوح
الحياة إيكونوميستالسبت 21 أبريل 2012?
ما يظهر من ثروات وأموال جماعة الإخوان المسلمين في مصر وباقي دول العالم، لا يزيد علي كونه الجزء الظاهر من "جبل الثلج"، يختفي معظمه تحت الماء، هذه هي خلاصة التحقيق الذي أجراه الصحفي الأمريكي فرح دوجلاس، الذي عمل في السابق مديرا لمكتب صحيفة "واشنطن بوست" في غرب إفريقيا، وهو يشغل حاليا منصب مدير مركز "إي بي إي"، فتحت عنوان "اكتشاف جزء صغير من إمبراطورية شركات الأوف شور لجماعة الإخوان المسلمين الدولية"، قدم دوجلاس تقريرا يعتبر من أوائل التقارير التي كشفت عن مصادر تمويل الإخوان المسلمين.
وأشار دوجلاس في تقريره إلي أن الإخوان المسلمين نجحوا بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، التي عرفها العالم في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، في بناء هيكل متين من شركات "الأوف شور"، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من قدرتها علي إخفاء ونقل الأمول حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخري غير الدولة التي تمارس فيها نشاطها، وتتمتع هذه الشركات بغموض كبير، يجعلها بعيدة عن الرقابة، وهو ما جعلها تنجح حتي الآن في لفت أنظار أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التي تطارد هياكل تمويل الإرهاب، في كل أنحاء العالم.
ويقول دوجلاس: إن الفرضية الأساسية للجوء الإخوان المسلمين لشركات "الأوف شور"، هي الحاجة لبناء شبكة في الخفاء، بعيدا عن أنظار الذين لا يتفقون معها في الأهداف الرئيسية، وعلي رأسها السعي لتأسيس الخلافة الإسلامية، ولتحقيق هذه الغاية - حسبما يقول دوجلاس، "اعتمدت استراتيجية الجماعة، علي أعمدة من السرية والخداع والخفاء والعنف والانتهازية".
ومن أبرز قادة تمويل الإخوان المسلمين، الذين رصدهم تقرير دوجلاس، إبراهيم كامل مؤسس بنك دار المال الإسلامي "دي إم إي"، وشركات الأوف شور التابعة له في "ناسو" بجزر البهاما، وهناك أيضا يوسف ندا، وغالب همت ويوسف القرضاوي، في بنك التقوي في ناسو، وأيضا إدريس نصر الدين مع بنك أكيدا الدولي في ناسو.
ويؤكد تقرير دوجلاس أن كل جماعة إسلامية كبيرة تقريبا، يمكن عند تتبع جذورها الوصول إلي الإخوان المسلمين، التي تأسست علي يد حسن البنا، في عام 1928، كحركة إسلامية تناهض التوجهات العلمانية في الدول الإسلامية، موضحا أن حماس منبثقة بشكل مباشر منها، وحسن الترابي الذي عرض علي أسامة بن لادن والتابعين له في القاعدة، اللجوء إلي السودان، هو أحد قادة الإخوان المسلمين، كما أنه عضو مجلس إدارة العديد من أهم المؤسسات المالية الإسلامية، مثل بنك دار المال الإسلامي "دي إم إي"، وعبدالله عزام مستشار «بن لادن»، هو أيضا أحد رجال الإخوان الأقوياء في الأردن، وأيمن الظواهري الزعيم الاستراتيجي لتنظيم القاعدة، تم إلقاء القبض عليه في مصر، وهو في الخامسة عشرة من عمره، بتهمة الانتماء للإخوان، وأيضا خالد شيخ محمد، المتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر، ومحمد عطا، المصري المتهم بتنفيذها، والشيخ عمر عبد الرحمن مؤسس الجماعة الإسلامية، فجميعهم كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.
وتكشف الوثائق التي اعتمد عليها دوجلاس في تقريره، أن الشبكة المالية للإخوان المسلمين من الشركات القابضة والتابعة، والمصارف الصورية، وغيرها من المؤسسات المالية، تنتشر في بنما وليبيريا، جزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراجواي، وأغلب هذه المؤسسات مسجلة بأسماء أشخاص مثل ندا ونصر الدين والقرضاوي وهمت، الذين يقدمون أنفسهم بشكل عام كقادة في الجماعة.
وكان مسئول كبير في الحكومة الأمريكية، قد أشار إلي أن مجموع أصول الجماعة دوليا، يتراوح ما بين 5 و10 مليارات دولار، بينما يري دوجلاس أنه يظل من الصعب تقدير قيمة هذه الأصول بدقة، لأن بعض الأعضاء مثل ندا ونصرالدين، يملكون ثروات ضخمة، كما يملكان عشرات الشركات، سواء حقيقية أو "أوف شور"، ونفس الأمر بالنسبة لـ"غالب همت"، وقادة آخرين من الإخون المسلمين، مشيرا إلي صعوبة التمييز بين الثروات الشخصية والعمليات الشرعية من ناحية، وبين ثروة الإخوان المسلمين من ناحية أخري، لكنه قال إن هذا الأمر "ليس مستحيلا".
وأضاف دوجلاس "من الواضح أن كل المال ليس موجه من أجل تمويل الإرهاب والإسلام الأصولي، وبنفس الدرجة من الوضوح، توفر هذه الشبكات المالية، الوسائل والطرق التي تساهم في نقل قدر كبير من الأموال السائلة لهذه العمليات"، موضحا أن إحدي العلامات التي تشير إلي انتماء شركة أو مؤسسة إلي أنشطة الإخوان المسلمين، وليست جزءا من ثروة وممتلكات صاحبها، هو تداخل نفس الأشخاص في إدارة الشركات والمؤسسات المالية، فعلي سبيل المثال، هناك شبكة مؤسسات الإخوان المسلمين في ناسو بجزر البهاما، وكلها مسجلة عناوينها، مثل عنوان شركة المحاماة "آرثر هانا وأبناؤه"، حيث انضم عدد من أفراد عائلة هانا إلي مجلس إدارة البنوك والشركات الإخوانية، كما تولت شركة المحاماة المعاملات القانونية لمؤسسات الإخوان، ومثلت الشركات في عدد من القضايا، كما أن العديد من مديري الشركات التي لا تعد ولا تحصي للإخوان، يخدمون كمديرين في عدة شركات في نفس الوقت، وفي المقابل، العديد منهم أعضاء في مجالس إدارة أو مجالس الشريعة لبنك "دي إن إي"، وغيره من المؤسسات المالية المهمة، التي يسيطر عليها الإخوان المسلمون، ووفقا للتقرير، يعتبر ندا ونصر الدين مع عدد من أفراد عائلة أسامة بن لادن، من حملة الأسهم الرئيسيين في بنك التقوي، إلي جانب عشرات من قادة الإخوان المسلمين، مثل يوسف القرضاوي.
أما الجزء الأكثر وضوحا في شبكة تمويل الإخوان، فهي بنوك الأوف شور في جزر البهاما، التي خضعت لتحقيقات سريعة بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن بنكي التقوي وأكيدا الدولي، متورطان في تمويل عدد من الجماعات الأصولية، من بينها حركة حماس، وجبهة الخلاص الإسلامية، والجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، وجماعة النهضة التونسية، بالإضافة إلي تنظيم القاعدة.
وفي وقت مبكر، كشفت المخابرات المركزية الأمريكية أن بنك التقوي وغيره من المؤسسات المالية للإخوان، تم استخدامها ليس فقط من أجل تمويل القاعدة، ولكن أيضا لمساعدة المنظمات الإرهابية علي استخدام الانترنت والهواتف المشفرة، وساهمت في شحن الأسلحة، وأعلنت وزارة الخزانة نقلا عن مصادر في أجهزة الاستخبارات، أنه "مع حلول أكتوبر 2000، كان بنك التقوي يوفر خط ائتمان سريا لأحد المساعدين المقربين من أسامة بن لادن، وأنه مع نهاية شهر سبتمبر 2001، حصل أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، علي مساعدات مالية من يوسف ندا".
ويذكر الصحفي الأمريكي في تقريره، أن تأسيس بنك التقوي وبنك أكيدا تم في ناسو علي نمط شركات الأوف شور، ليكونا بنكين ظاهريا مع عدد قليل من الموظفين، يتولون حراسة أجهزة الكمبيوتر والهواتف، ويتبع البنك إدارة منظمة التقوي التابعة بدورها لكيان آخر يملكه ندا في سويسرا، ويملك ندا حصة الإدارة في البنك، فيما يشغل نصر الدين منصب المدير، وبنفس الأسلوب، يتبع بنك أكيدا منظمة نصرالدين، الذي يتولي إدارة البنك، بينما يظهر ندا كعضو بمجلس الإدارة، أما الأنشطة البنكية الحقيقية، فتتم من خلال علاقات تبادلية مع بنوك أوروبية.
ويقول دوجلاس "رغم الأدلة الواضحة والمتكاملة بشأن شبكة الأوف شور التابعة للإخوان المسلمين، التي توفر دعم لمختلف العمليات الإرهابية، فإن الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه ضد هذه المؤسسات المالية، هو تجميد عدد من الشركات المملوكة لندا ونصر الدين"، مضيفا أنه كان هناك القليل من التنسيق من أجل رسم خريطة لتحديد وفهم الشبكة المالية للإخوان المسلمين، باستثناء مشروع حلف شمال الأطلسي، الذي يركز علي أنشطة الجماعة في أوروبا، والساعي لتحديد مختلف الكيانات المرتبطة بها.
وكان جزء كبير من أنشطة الإخوان المسلمين، قد تم تأسيسه كشركات "أوف شور"، من خلال صناديق استثمارية محلية في إمارة ليختنشتاين، الواقعة علي الحدود السويسرية النمساوية، حيث لا توجد هناك حاجة لتحديد هوية أصحاب هذه الشركات، ولا توجد أي سجلات عن أنشطة الشركة ومعاملاتها.
وفي 28 يناير 2002، قام ندا بمخالفة حظر السفر المفروض عليه من قبل الأمم المتحدة، وسافر من محل إقامته في إيطاليا إلي سويسرا، وفادوز عاصمة إمارة ليختنشتاين، وهناك قام بتغيير أسماء العديد من الشركات، وفي نفس الوقت تقدم بطلب لتصفية شركات جديدة، وعين نفسه مسئولا عن تصفية هذه الشركات، وبالنسبة لكيانات "الأوف شور" الجديدة، فلا توجد لها أي سجلات فى امارة ليختنشتاين
حملة د. مرسي "وطن نظيف" والتجربة السودانية.. ما أشبه الليلة بالبارحة
الكاتب السوداني . حمّور زيادة:
شجون أثارتها بي حملة الرئيس المصري د. محمد مرسي " وطن نظيف " .. لكني قلت لنفسي ، والنفس أمارة بالسوء ، لعل الأشياء ليست كالأشياء. ثم استمعت إلى حديث د. محمد مرسي عن العدالة الاجتماعية التي تتحقق بالحب. فوجدت الذكريات تصخب في ذهني. وذات المقدمات تلوح في أفق مصر. مقدمات أعرفها يقيناً ، و نحفظها في بلادي عن ظهر قلب. فهي تاريخنا القريب .. ذلك البائس الذي قادنا إلى واقعنا الأكثر بؤساً.
في نهاية عقد الثمانينيات وبدء التسعينيات حين تحركت الدبابات في الخرطوم تحت قيادة الحركة الإسلامية السودانية لتنفذ انقلابا عسكرياً قيل انه لإنقاذ البلاد من فشل الحكومة الديمقراطية المنتخبة رأينا ذات القطرات تصب علينا من سُحب الوعود. حدثونا عن سودان قوي قادر. وطن سيأكل مما يزرع ويلبس مما يصنع. وهتفوا بحياة " المشروع الحضاري " للثورة الإسلامية التي جاءت لتنقذ السودان من فخ الضياع الذي قادته إليه الديمقراطية. في تلك الأيام النحسات ، كما عرفنا بعد ذلك ، رأينا كيف يُجنّب مشروع الإسلام السياسي الحاكم الدولة لصالح المجتمع.
أزمة تيار الإسلام السياسي أنه يحاول المزاوجة بين الدور التقليدي للداعية والقدوة الدينية ودور الدولة الحاكمة. وهي المزاوجة التي أثبتت فشلها في السودان بجدارة.
لجأ النظام الإسلامي الحاكم للخطاب الشعبوي المهيّج لأحلام الجماهير. وأخذ التلفزيون الرسمي يعرض " غارات " العميد طبيب الطيب إبراهيم محمد خير وزير شئون الرئاسة على المصالح الحكومية على حين غرة ليكتشف الموظفين المتكاسلين النائمين في مكاتبهم أو المتغيبين عن العمل. وأمام عدسات التلفزيون كان الوزير الثائر يكيل التأنيب للموظفين أو يقرر فصلهم وسط إعجاب الجماهير بتلك الخطوات " الحاسمة " لفوضى مؤسسات الدولة. لكن .. بينما كنا نهتف إعجاباً كان النظام يفصل عشرات الآلاف من وظائفهم تحت مسمى " الصالح العام " .. حيث تم التخلص من عشرات الآلاف من الكفاءات المعارضة أو غير المنتمية للحركة الإسلامية .. مع ملء الفراغ ببعض عشرات من المنتمين و بعض مئات من المحايدين الذين يؤمرون فيطيعون ويُقدمون فيهتفون.
في تلك الأيام تم فصل د. فاروق كدودة عالم الاقتصاد رحمه الله من التدريس الجامعي .. وبرر مدير الجامعة الجديد فصله للعالم الاقتصادي الشيوعي بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يأمره بفصله.
وتم التخلص من الآلاف من ضباط الجيش والأطباء بدعوى عدم الحوجة إليهم وأنهم عبء على خزينة الدولة.
لكن الحركة الإسلامية في السودان بتراثها الدعوي و التربوي القائم على تربية الفرد ثم الأسرة ثم المجتمع لم تكن على استعداد لفهم ماهية الدولة. بالنسبة لها الدولة هي مجتمع كبير. لذلك عليها أن " تُفعّل " المجتمع ليصبح مجتمعاً رسالياً. هكذا قالوا لنا.
بدأت مشاريع الدولة بمليشيات الدفاع الشعبي. فبحكم أن الانقلاب في شكله الظاهر انقلاب عسكري يضع حرب الجنوب في أولوياته. قال " العميد " ، في وقتها ، عمر البشير ، و الذي صار بعد ذلك مشيراً مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، قال إن الجيش يفتقد التمويل حتى أكل جنوده أوراق الشجر ولم يعد لديهم سلاح يقاتلون به. لكن حل الحركة الإسلامية لم يكن دعم مؤسسة الجيش بل كان تجيّش الشعب في مليشيات الدفاع الشعبي للقتال في الجنوب جنباً إلى القوات المسلحة. و لا تسألني عن من أين أتى تمويل تلك المليشيات الشعبية أو تسليحها ولماذا لم يذهب ذلك التمويل مباشرة للجيش. تم حشد الآلاف من الشباب إلى الحرب .. بعضهم من الإسلاميين المتشوقين للجهاد و الحور العين و الجنة .. وبعضهم من الشباب الذي يُلقى القبض عليه في الشوارع ويحشد إلى معسكرات التدريب لأسابيع ثلاثة ثم يُحمل إلى الجنوب ليجاهد. ثم تدخلت الدولة لتقنن التجييّش ليكون القتال في الجنوب إلزامياً لكل طالب قبل دخوله الجامعة. هكذا كان حل الحركة الإسلامية لضعف تمويل مؤسسة الجيش .. أن يقاتل الشعب.
أحد أكبر الأزمات التي هزّت الحكم الديمقراطي في السودان كانت أزمة السكر. ولحلها اتجه الإسلاميون أيضاً إلى المجتمع .. حيث كونوا " اللجان الشعبية " في الأحياء .. مهمة هذه اللجان أن تنظم توزيع السكر ، ثم بعد ذلك الخبر و العدس و بعض المواد التموينية ، على المواطنين. وتلاشى طبعاً دور مؤسسات الدولة التموينية لصالح هذه اللجان التي سيطر عليها الإسلاميون في الأحياء. ولم تعد مهمة اللجان فقط تنظيم عملية توزيع المواد التموينية إنما أصبحت أداة عقاب لبعض المارقين. فكان التموين يُحجب عن أسر المعارضين السياسيين الذين يتم اعتقالهم. وللحق فإنه لم يقم دليل على أن المنع كان بقرارات فوقيه إنما يغلب على الظن انه كان اجتهاداً من الإسلاميين الملتزمين الذين يستنكرون أن ينعم بسكر الدولة الأعداء المخربين من الشيوعيين و العلمانيين و الملاحدة ، حسبما يظنون بكل معارض لهم.
أين الدولة والرقابة على توزيع السلع الضرورية ؟ لا وجود لها .. إنما يتم الاستعاضة عنها بالشعب.
ويذكر أهل السودان جيداً المقدم يوسف عبد الفتاح .. ذلك الذي أطلقوا عليه تندراً لقب " رامبو ". كان المقدم يقتحم بقواته مصانع رجال الأعمال ويحمل من مخازنها الأسمنت و الرخام والسيراميك و الطوب ليقيم بها " الصواني " الأنيقة في الشوارع. وقاد المقدم ، ضمن ما قاد ، حملات نظافة المدن التي يُخرج لها طلاب المدارس. وكنا حينها ، في ريعان صبانا الغض حياه الله ، نجبر على ترك حاجياتنا في المدارس ونخرج راجلين لنحمل الأوساخ في الشوارع ويصورنا التلفزيون الرسمي .
وأتحفنا النظام بمشاريع على شاكلة " مشروع فضل الظهر " .. وهو مشروع يهدف لحل أزمة المواصلات .. وهو ، بدلاً عن توفير اتوبيسات تليق بالاستخدام البشري، يعتمد على إلزام المواطنين أصحاب السيارات بحمل الواقفين في الشوارع معهم.
ثم توالت مشاريع " تعظيم شعيرة الصلاة " .. و " تعظيم شعيرة الزكاة " .. و مشاريع الصناديق المالية التي يُجبر الناس على التبرع لها كصندوق " دعم الشريعة الإسلامية " وبعد كل هذه السنوات لا ندري بدقة ماذا كان هذا الصندوق يفعل .. لكن الشعب كان يدفع.
هكذا حاول نظام البشير في السودان أن يخلق " المجتمع الرسالي " على حساب مؤسسات الدولة ،لكنه لم ينجح إلا في القضاء على هذه المؤسسات ليحل محلها بعد ذلك القطاع الخاص المتوحش للربح .. والذي للصدفة البحتة كان أغلبه مملوكاً لأبناء الحركة الإسلامية. انهارت مدارس الدولة ومستشفياتها وأغلقت مصانعها وتم تصفية إدارات النظافة في البلديات وبيعت هيئة النقل وسياراتها ليحل محلها مدارس خاصة مستشفيات استثمارية ومصانع مملوكة لأفراد وأسر وشركات نظافة ورصف طرق ونقل مملوكة لوزراء دائمين وولاة لا يغادرون مراكزهم.
إن مصر ليست السودان بلا شك. فالدولة في مصر أكثر عمقاً ورسوخاً من نظيرتها في السودان. والمجتمع أكثر تعقيداً وتركيباً وتضارب مصالح من رصيفه في السودان. كما أن إخوان مصر ، كما أحسب ، أكثر إدراكاً للتحديات من إخوانهم في السودان. لكن هذا لم يمنع دهشتي وأنا أرى الرئيس د. محمد مرسي يأخذ خطوات تشابه خطوات المشير عمر البشير الذي انتهى ببلده مقسماً متحارباً تخرج فيه المظاهرات تطالب بإسقاطه فيترك التأسي بالخلفاء والصحابة ليقلد العقيد القذافي في وصف معارضيه أنهم شذّاذ أفاق.
ليت د. محمد مرسي يدرك سريعاً ، وهو سيدرك ذلك آجلاً بلا شك ، أن حكم دولة ناجحة يحتاج إلى أستاذ الهندسة وخبرته بالعالم لا إلى السالك المتدين الذي يعشق السيرة. فالدولة ، حسبما علمنا سقوط السودان ، ليست فرداً وأسرة ومجتمع كما يؤمن الدعاة والمرشدين .. إنما هي مؤسسات مستقلة تقوم على خدمة هؤلاء.
أما إن أرادت الدولة أن تنحي مؤسساتها جانباً ليقوم المجتمع على إدارة وخدمة نفسه بنفسه لتتفرغ أجهزة الدولة لمطاردة العصاة والنساء المتبرجات والروايات المثيرة للغرائز كما يحدث في السودان فإن ذلك هو الفشل.
يقولون في بلادنا : من جرّب المجرّب حاقت به الندامة.
نظافة الشوارع تحتاج مؤسسات حكومية فاعلة لا متطوعين .. والعدالة الاجتماعية تحتاج تنمية متوازنة وقوانين اشتراكية فاعلة لا صدقات وهبات محسنين.
مؤسسات الدولة القوية المستقلة هي الحل .. لا المجتمعات التي تدير نفسها.
ولمصر التحية .. والحلم بغد أجمل.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)